جميع المباريات

إعلان

ديستوبيا

ديستوبيا

ديستوبيـا

ماذا لو كان الكاتب الإنجليزي جورج أورويل حياً يعيش بيننا في مصر؟، ماذا لو كان مصرياً؟ وماذا لو كان مهتماً بكرة القدم والرياضة ويجد نفسه محبوساً بين بحران وصحراوان بعيد كل البعد عن الجمال المنشود، بل منعزل في أسفل السافلين لا يرى ولا يسمع عن العالم الأخر.

في رأيي أن أورويل كان سيفشل في تخيُل المستقبل المظلم المُتردي كعادتهِ في رواياته الديستوبية التي تعكس عالم الواقع المرير والانهيار التي تعيشه المجتمعات رغم روعة وصفه دائماً في أدب المدينة الفاسدة.

المدينة الفاسدة؟ كيف تكون ؟ ربما نهيم ونغيم ولا نعرف الإجابة لأننا لا نعرف أصلاً كيف يكون العكس، فمنذ أن انطلقت صرختنا الأولى بغية الحياة اصطدمنا بمجتمع لا يُقدسها ولا يعتبر أنها أمر مهم.

ما علينا من هذه الستارة السوداء التي تلتف حول رقبتك وتصيبك بالاختناق بمجرد التفكير، لنقلص زاوية الرؤية وننظر فقط إلى الرياضة، لنقلصها أكثر وننظر إلى كرة القدم التي أصبحت تمارس في بلاد أفريقيا والعرب باحترافية وأنظمة وقوانين نفشل في تطبيق ربع عُشرها في بلادنا صاحبة الحضارة الأعظم في التاريخ.

تخيل معي أن كاتب العالم المُظلم بحاجة ليعرف شيئاً عن كرة القدم في مصر حتى يتخيل في كتاباته المستقبل في هذه اللعبة بهذه البلد بعد عشرة أو عشرون أو ثلاثون عاماً.

هل اللعب بدون جمهور أمر مأساوي؟ في مصر يلعبون كرة قدم بدون جماهير لمدة تخطت الأعوام الخمسة ، لكن ليست هذه المأساة، الزاوية الأعمق والأكثر ديستوبيا في الأمر أنه عندما أراد المسئولون فتح الأبواب للجماهير قُتل 20 مشجع على أبواب الاستاد بسبب سوء تنظيم، أو تواطؤ؟!، المؤسف في الأمر أنه لم يحاسب أي مسئول أو غير مسئول، أو حتى كلاب الحراسة أو خيول الاستاد عن هذه الواقعة رغم مرور عامان على حدوثها.

إذاً لماذا مُنعت الجماهير أصلاً؟ هل يمكن أن يتخيل أورويل أن يُقتل 72 مشجع في ملعب كرة قدم؟ ربما ممكن، لكن مستحيل أن تغيم به الرؤية لدرجة أن يكتب أن أمن الاستاد أغلق الأبواب على الجماهير وإدارة الملعب أطفأت الأنوار وقالت للذئاب الملعونة هنيئاً لكم فريستكم، نتمنى لكم رحلة صيد موفقة وإراقة أكبر كم من دماء الأبرياء.

هل يمكن لشخص في العالم الأخر الذي يسبقنا بعشرات السنين أن يتخيل أنه لا يوجد فريق واحد في مصر لديه ملعب ثابت في البطولات المحلية أو حتى القارية يشارك عليه باستمرار؟ هل يمكن لأحد أن يتخيل أنه لا يمكن لعب أي مباراة إلا بعد أن تدخل الحكومة عن طريق وزارة الداخلية وترسل خطاب رسمي بالموافقة على إقامة اللقاء؟

انتظر يا جورج، أنت لا تعرف شيئاً عن الديستوبيا بعد ، التُحف قادمة.. تعرف أنهم في مصر يبثون مباريات دوري الدرجة الثانية بكاميرات بتقنية عالية الدقة "HD" أما مباريات الدوري الممتاز تبث بكاميرات أشبه بكاميرات الهواتف المحمولة وأحياناً بكاميرا واحدة، وربما لا تبث أصلاً بسبب خلافات على غنيمة حقوق البث.

في مصر أيضاً يلعبون بطولة عريقة مثل كأس مصر في ملعب واحد فقط لا يصلح سوى لتربية الماشية، ربما يساهم ذلك في زيادة الثروة الحيوانية بدلاً من المساهمة في زيادة ضغط الدم عند المتابعين لهذا الهراء على هذه الحديقة البائرة، ربما بتروسبورت هو المكان المثالي لمزرعة الحيوان التي تُرسَم في ذهن البعض بمجرد لمس رواية "Animal farm" التي نُشرت عام 1945.

السطور لا تكفي لسرد كل الأمور السوداوية في كرة القدم بمصر، الإعلام والإخراج والحُكام والمسئولين عن الأندية وخاصة الرؤساء، وبعضهم الذي يحتاج لمجلدات نصفها كوميدية والأخر ديستوبية، والمسئولين عن إدارة اللعبة في مصر، والأخرون المسئولون عن التأمين، لا شيء يسير بصورة نصف صحيحة حتى.

كان سيفشل أورويل في تخيل صورة قاتمة أكثر من ذلك، ربما لازلنا مُتفردون بشيء ومتميزون  عن الأخرين وبعيدين لدرجة أبعد من خيال أعظم الكُتّاب، أصبحنا ملوك عالم الواقع المرير بعد أن كنا ملوك العالم في عصر ما قبل الميلاد.

لمناقشة الكاتب عبر تويتر اضغط هنا

الإحصائيات

جميع الإحصائيات

إعلان

أخبار تهمك

التعليقات

تطبيق يلا كورة

تابع الأحــداث الرياضيــة و حــمــل التطبـيق الآن