عقل المباراة: الاهتمام بالـ"تكنيك" والربع ساعة الأولي سيساعد كارتيرون

في تحليلات عقل المباراة.. رحلة داخل عقول المديرين الفنيين لكلا الفريقين ونجتهد لإبراز النواحي التكتيكية المتخصصة التي كانت موجودة في المباراة ونضيف عليها ما كان يجب أن يكون متواجدا حتي تصل كرة القدم بشكلها المتخصص داخل عقل القارىء.

من غير الطبيعي أن تضع صورا أو فيديوهات لشرح ما حدث في مباراة حرس الحدود ، ومن غير المعقول أن تضع فريقا يلعب كل ثلاثة أيام أمام فريق يلعب بشكل طبيعي وبالتالي سنضع هنا في تلك الرحلة كيفية إدارة المباراة من خلال مدرب يواجه ضغط المباريات.

بالطبع إدخال كم من العناصر الجديدة (هاني –أيمن –حمودي –صلاح –إضافة إلي شريف إكرامي مع عودة لسعد سمير) أمرا محمودا للجهاز الفني من حيث توزيع المباريات علي اللاعبين في ظل الضغط الرهيب الذي سيعاني منه الأهلي ، بالطبع هناك أمورا خططية في كيفية بناء الهجمة في 4-4-2 وهي الخطة التي إعتمدها كارتيرون أمس ولكننا لم نري أيا منها علي الإطلاق خاصة في الشوط الأول وهنا يوجد إحتمالية وحيدة منطقية لكيفية إدارة كارتيرون للمباراة.

أمام دجلة وأمام الحرس كان لمنافسي الأهلي دورا كبيرا في عملية الإستحواذ ومبادلة الهجوم والتفوق في أوقات كثيرة ، في الوقت الذي نجد فيه المدير الفني للأهلي صامتا لا يقوم بالتدخل أو بالتصحيح سواء للاعب علي المستوي الفردي أو للفريق علي المستوي الجماعي.

لو أنك مدربا لفريق يلعب أمام الاهلي سيدخل اللاعبين والمدرب بطاقة عالية جدا من أجل خطف هدف وإستغلال حالة التراجع البدنية للاهلي نتيجة لتوالي المباريات إضافة إلي إستغلال تواجد عناصر بديلة مع أساسية وعدم وجود تناغم  (وهذا يرجع إلي عدم وجود نظام خططي واضح لدي جميع الأندية المصرية وتلك إشكالية أخري تم تناولها من قبل ).. كيف يتصرف كارتيرون؟.

باتريس يترك الكرة للمنافس الذي يبدأ (ذهنيا) في التركيز أكثر جهة الهجوم خصوصا مع عدم وجود ضغط قوي في نصف ملعب الأهلي، ومع تحرك أظهرة الجنب للمنافس ولاعبي الإرتكاز تبدأ مساحات الملعب في الظهور (لا يظهر الأهلي بشكل قوي أيضا وسنفسر ذلك لاحقا ) ولكن الأهم أنه في تلك المرحلة يتم إستنزاف الفريق بدنيا وبالتالي تظهر قدرات الأهلي في النصف الأخير من المباراة.

خطورة كبيرة أن يلجأ فريق مثل الأهلي إلي ذلك حتي ولو واجه ثاني وثالث الدوري في أول الموسم ويتبقي له نظريا مباراتين هما الأصعب، ولكن مواجهة فريق مثل الإنتاج الحربي ومدرب ثعلب مثل مختار مختار أمر غير مأمون العواقب في ظل المنافسة الشرسة بين الأندية هذا الموسم.

نأتي لعدم ظهور الأهلي بالشكل الذي يليق بالفريق حتي لو كان يلعب مباراة كل ثلاثة أيام وأمام فريق مثل حرس الحدود، تحدثنا مرارا عن أن مشاكل الأهلي يمكن حلها بتغير خطة اللعب وتغير أماكن بناء الهجمة لتناسب قدرات الفريق وحسنا فعل كارتيرون بإظهار ثنائية صلاح محسن وأزارو والتي حسمت اللقاء وتصعب من مهمة الحرس أو أي فريق في منطقة الدفاع ولكن كيف تجعل من تلك الثنائية خارقة بدلا من أن تستنزف جهدهم طيلة 60 دقيقة ثم تبدأ في الدخول للمباراة بعد تعادل القوي البدنية مع المنافس.

 التكنيك
الحديث عن التكتيك بتعقيداته أمرا يبدو مستحيلا ويحتاج وقتا أطول وعددا أكبر يساعد الجهاز الفني بأفكار وبرسومات واضحة لبدء وإنهاء الجملة التكتيكية مع وجود تدريب عليها، لذلك فالحل في الأمر الأخر (التكنيك).

في ظهور لي مع الإعلامي سيف زاهر أثناء المونديال سألني ما هو الشىء الذي لفت نظرك في المونديال؟ قلت بسرعة التكنيك أو التقنية أو الجودة في أداء مهارات كرة القدم، نادرا ما تجد تمريرة علي الأرض إرتفعت أثناء التمرير أو الإستلام بالطبع أرضية الملعب تساعد في ذلك ولكن أيضا زاوية التمرير وزاوية التحرك والركض بشكل ملائم يجعل التمريرة في التسليم والإستلام سليمة تماما، إضافة إلي مهارات التسديد والمراوغة ، علي أن يتم ذلك كله في وقت سريع.

ما الفائدة أن تضغط متأخرا أو تمررا متأخرا أو تسدد متأخرا أو تتحرك متأخرا ( وفي بعض الأحيان يبدو التسرع أيضا في التمرير أو باقي العمليات أثناء اللعبة ضارا بالهجمة أو بالدفاع ) ، كل تلك الأمور خاصة أيضا بالتكنيك.
مثال واضح

حمودي لا بد أن يتسلم الكرة وظهره دائما موازي لخط التماس، هنا يستطيع التحكم في الكرة ، ّإذن لا بد أن تكون التمريرة تلائم وضعية جسد حمودي أو الجناح علي الخطوط في 4-4-2، التمريرة لرأس الحربة مختلفة.

إذا كانت التمريرة في جهة وليد أزارو لا بد أن تكون الكرة ساقطة خلف المدافع ليدخل المغربي سباقا للسرعة معه وكي تصبح الأمور أكثر صعوبة يبدأ أزارو في التحرك جهة نصف ملعب الأهلي أولا ساحبا معه رقيبه ثم يبدأ في التحرك عكس الإتجاه وهنا يبدأ أزارو في إمتلاك زمام الأمور نتيجة تغير سرعته وإتجاهه واللتان يتفوق بهما علي أقرانه.

الأمر مختلف إذا وجهت الكرة جهة صلاح محسن.. صلاح يتجه جهة الأطراف ثم أضرب له الكرة في العمق ، هدفه في مرمي المصري وقت لعبه لإنبي، أو إجعل الكرة قريبه من قدمه وهو مائل جهة المرمي وبحسن إستقباله وسرعته سيسبق المدافع (هدفه في المصري الموسم الماضي مع الأهلي).

بالطبع هناك عشرات الاشياء التي تخص كل لاعب علي حده وفي ظل إهتمام كارتيرون باللعب المباشر يبدو الإهتمام بالتكنيك أولي أولويات الفرنسي.

في مانشستر سيتي يلعب بينجامين ميندي كرات عرضية أغلبها بإرتفاع متوسط أو شبه أرضي ، من الصعب أن يجد أجويرو نفسه في مواجهة مع ماجوير مثل في كرة بالونية لذلك فإن جوارديولا طوع إمكانيات ظهيره لتلائم مهاجمه وكي تكون الكرة أكثر خطورة يجب أن ترسل من مكان ما معين بعد فتح زاوية ارسال الكرة وبالتالي تصير هدفا مثلما حدث أمام هيدرسفيلد تاون.

الإهتمام بالتكنيك سواء في التمرير للمهاجمين أو الأجنحة والحصول علي ركلات ثابتة حول منطقة الجزاء وإستغلال مهارة ساليف كوليبالي سيجعل الأهلي متقدما في الربع ساعة الأولي من أي مباراة وبالتالي تصبح إدارة المباراة أسهل وانت متقدم وتتيح الفرصة بشكل أكبر لإظهار قدرات البدلاء ودخولهم لعقل المدرب كاحد الخيارات المستقبلية.

لا يبدو لي مانويل جوزيه من المدربين العباقرة تكتيكيا ولكنه يبدو لي بلا منازع الأفضل في جزئية الإهتمام بالتقنية سواء لمرسل الكرة أو مستقبلها في التسديد أو في الدفاع ، كل من لعب مع جوزيه أيا كان مركزه قال بأنه تعلم منه ما لم يتعلم من أحد والسبب أنه أهتم بالمهارة الأساسية للاعب الكرة، وربما يبدو كسل جوزيه في بعض الأحيان ولعبه ب 5-3-1-1 بثلاثي دفاعي مثل عاشور وانيس بوجلبان وحسن مصطفي أمامهم تريكه ثم فلافيو يرجع إلي أنه سيعرف أن لاعبيه بعدما أتقنوا المهارات الأساسية وعرفوا ما يلائم زملائهم في الملعب من التمرير أو التحرك لن يجدوا صعوبة في الفوز علي كل الفرق سواء محليا أو أفريقيا.

أخيرا.. ما أسردنا في أكثر من ألف كلمة كان يجب أن يتم تعليمه في الصغر للمدربين وللاعبين بدلا من الإهتمام بالفوز بالمباريات في فرق الناشئين وهي بلا فائدة.

للتواصل مع الكاتب على تويتر

للتواصل مع الكاتب على الفيس بووك