لا أري أدني مشكلة للأهلي في أن يتعادل أمام اتحاد الشرطة أو حتى يخسر أمامه أو أمام أي فريق آخر، ولكني أري أن المشكلة الكبرى التي ضربت الفريق الأول للكرة بصفة خاصة والنادي بشكل عام ككل هو لغة التبريرات التي أصحبت أمراً واقعاً في كبير الأندية المصرية.
كان الأهلي دائماً وأبداً ما يمثل مدرسة في الواقعية بين الأندية المصرية كلها (أضف إليه حرس الحدود في السنوات الأخيرة) سواء بمنظومته الإدارية أو الإعلامية أو الفنية، وعلي إثر ذلك كان المتابع الكروي دائماً ما يشعر بأنه أمام منظومة متكاملة حتى ولو كان كل فرد يعمل في جزء بعيد تماماً عن الآخر.
فلم يكن غريباً على الأهلي من قبل أن تقرأ في مجلته الرسمية نقداً لفريق الكرة به إذا ما تعرض لكبوة، أو كنت تري مسؤولاً به يظهر إعلامياً ليؤكد أن الأهلي يحتاج لاتخاذ بعض القرارات من أجل تعديل مساره وهو أمر كان مثار إعجاب المنافسين قبل المحبين دائماً.
ولكن هذا الأمر بدأ في الاختفاء تدريجياً وبدأت لغة التبريرات في الحلول بدلاً منه، وقد يبدو هذا التغيير الجذري في السياسة بطئ نوعاً ما ولكنه بدون شك يسير بشكل منتظم للغاية.
كتبت منذ عام إلا 8 أيام وبالتحديد يوم 15 أغسطس من عام 2009، مقالا تحت عنوان " تساؤل .. لماذا غير الأهلي خطابه الإعلامي؟"، ألقيت الضوء فيه على المشاهد الأولى لتغير الخطاب الإعلامي في الأهلي وبالأخص لوسائله الإعلامية علي نحو بسيط وجهاز الفني بقيادة الكابتن حسام البدري على نحو موسع.
وخلال هذا العام دارت عجلة الأحداث بسرعة في الأهلي سواء بإخفاقات أو بانتصارات ولكن ظل ذهني مركزاً على التصريحات الإعلامية التي كانت دائماً ما تخرج من الجهاز الفني للأهلي والتي جاءت كلها لتؤكد أن التبريرات أصبحت لغة جديدة بدأت في الظهور داخل القلعة الحمراء.
الآن .. وبعد مرور عام كامل، انتقلت التبريرات أو ما يمكن تسميته "الشماعات" من مرحلة الولادة إلى مرحلة السيادة و السيطرة حتى بدا الأمر وكأنه أمر اعتيادي.
ودعونا نبدأ من أول مباراة للأهلي هذا الموسم والتي كانت أمام هارتلاند النيجيري في نيجيريا في دوري الأبطال وهي المباراة التي انتهت بالتعادل الايجابي 1-1، وقتها صرح الكابتن حسام البدري عقب اللقاء قائلاً " أرضية الملعب هي السبب الرئيسي لسوء أداء الأهلي أمام هارتلاند."
ولا خلاف علي الإطلاق مع الكابتن حسام البدري في وصف أرضية ملعب هارتلاند بالسيئة أو حتى "بالكارثية" فهذا صحيح تماماً، ولكن لا يمكن لفريق كبير مثل الأهلي يلعب في إفريقيا منذ السبعينات أن يلقي كل تبريرات أداءه المزري في المباراة حينها على أرضية الملعب فقط.
ثم لعب الأهلي مباراتين عقب هذه المباراة، الأولى كانت أمام حرس الحدود في كأس السوبر والثانية أمام الإسماعيلي في دوري أبطال إفريقيا وعلى الرغم من تحقيق الفريق للفوز خلالهما، إلا أن الأداء لم يكن مقنعاً على الإطلاق، فالفريق لم يقدم أي جديد عما ما كان يقدمه في الموسم الماضي، فالأداء تواصل عشوائياً ومعتمداً بالدرجة الأولى على أسماء لاعبيه الدوليين ومهاراتهم الفردية فقط.
فعلي الرغم من كون الأهلي أكثر الأندية في الدوري المصري استفادة من سوق الانتقالات الصيفية بعدما ضم إلى صفوفه 6 لاعبين بالتمام والكمال هم حسام غالي ومحمد شوقي ومحمد ناجي جدو ومحمد غدار ومحمود أبوالسعود وعبدالحميد شبانة، إلا أنه لم يثبت أي استفادة منهم على مستوي طريقة اللعب والأداء خلال 4 مباريات لعبها الفريق حتى الآن.
وجاءت المباراة الرابعة أمام اتحاد الشرطة في افتتاح مباريات الفريق الأحمر في الدوري المصري وتواصل الأداء العشوائي أيضاً، فعلي مدار 90 دقيقة فشل الأهلي في تنظيم أي جملة تكتيكية علي مرمي خصمه، واكتفي فقط بتسديدات بعيدة المدى لم تكن لتجدي نفعاً مع فريق متمرس مثل اتحاد الشرطة.
وعقب نهاية اللقاء، قال الكابتن حسام البدري في تعليقه على خسارة الأهلي لأول نقطتين في البطولة "غياب الجهة اليسرى كان السبب الرئيسي في التعادل أمام الشرطة."
وسأقف عند هذا التصريح طويلا لسبب بسيط وهو أن البدري كان سببا رئيسياً في غياب هذه الجبهة عن الأهلي ليس في هذه المباراة فحسب ولكن فيما تبقي للأهلي من مباريات في الموسم، عندما قرر التخلي عن الانجولي جيلبرتو بدون أن يوجد البديل المناسب له.
والطريف والعجيب أن يطرد سيد معوض في لقاء السوبر ثم يتزامن معه إصابة الناشئ حسين السيد ومشاركة أيمن أشرف مع منتخب الشباب في لقاء اوغندا ليدخل الأهلي اللقاء بدون أي ظهير أيسر ويضطر للاستعانة بشريف عبدالفضيل في هذا المركز.
فماذا كان يمكن أن يضيف سيد معوض نفسه للجانب الهجومي لفريق يلعب بتشكيلة أساسية بها كل من حسام غالي وأحمد حسن وأحمد فتحي ومحمد أبوتريكة ومحمد بركات وجدو؟
بالطبع الإجابة المنطقية لا شيء، ليس لأن معوض غير مؤثر مع الفريق، بل لأن فريق يملك هذه الأسماء لا يمكن أن يتأثر بغياب لاعب أو آخر، وأكبر دليل علي ذلك أن الأهلي لم يكن ليتأثر في مواسم 2004-2005 و2005-2006 و2007-2008 بغياب محمد أبوتريكة عنه للإصابة – وهو الأمر الذي حدث عدة مرات بالفعل - على الرغم من أن اللاعب كان نجم الفريق الأول بلا منازع وقتها.
مرة أخرى، بدون شك أصبحت لغة التبريرات و"الشماعات" في الأهلي أمراً واقعياً وبالتالي انتقلنا من مرحلة التحذير قبل وقوع المرض إلي مرحلة محاولة الشفاء من المرض، وهي مرحلة أري أن الخطوة الأولي فيها أن يتم الاعتراف بالحقيقة وأن يتم إعادة الأمور إلى نصابها، فالجهاز الفني دائماً وأبداً هو المسؤول عن النتائج السلبية، وليس اللاعبين أو الحكام أو الحظ أو أرضية الملعب السيئة والتي دائماً وأبداً ما كانت أسباب لا يمكن أن يستخدمها نادي في حجم الأهلي.
نقاط سريعة من وحي بداية الدوري:
1- فرحة أبوكونيه الهسترية بهدف التعادل في مرمي حرس الحدود، يدل علي الضغط العصبي الشديد الذي يؤدي به لاعبو الزمالك مبارياتهم وهو أمر إذا تواصل فبكل تأكيد لن يحصلوا علي شيء منه في النهاية.
2- إذا قرر الجهاز الفني للزمالك إتباع سياسة الدور بين عصام الحضري وعبدالواحد السيد، فسيتقهقر مستوي الاثنين بعد فترة ليست طويلة.
3- المصري البورسعيدي فريق قابل للتطور بشدة هذا الموسم بشرط واحد فقط أن تتخذ إدارته قراراً شجاعاً بإقامة تدريبات الفريق بدون جمهور.
4- فوز وادي دجلة الكبير علي المقاولون العرب أمر لا يجب أن يتم تحميله بأكثر مما يحتمل، ويجب الانتظار للأسبوع الثامن على الأقل (ما يعادل ربع مباريات الفريق في الدوري) لمعرفة مدي ثبات الفريق الصاعد فنياً.
5- المؤشرات الأولية تؤكد أن الدوري المصري سيتواصل للموسم الثاني على التوالي ليكون " دوري مثير" ولكن ليس "دوري قوي".