السبت 30 أكتوبر 2010
03:49 م
أكتب هنا لأول مرة .. وهذا في حد ذاته يمنحني إحساسا طاغيا بالخوف والقلق والتوتر والحيرة والاضطراب .. أخاف وأتردد ناسيا أنني كتبت كثيرا من قبل وخضت هذه التجربة من قبل فى أكثر من صحيفة ومجلة .. ليس فقط نتيجة تقديري واحترامي لهذا المكان وقيمته ومكانته هو وكل قارئيه ومتابعيه سواء بشكل دائم أو عابر .. وإنما لأنني أكتب للمرة الأولى عبر مجال مختلف .. ليس فيه حبر وورق .. وليس فيه أي مسافات وحدود أو فواصل بين من يكتب ومن يقرأ.
ولهذا ألتمس العذر من كل الذين سيتفضلون ويقرأون .. أطلب منهم سماحهم إن كانت هناك أخطاء أو نواقص أو أمور ومعان ليست واضحة .. وأؤكد لهم أننى أحترمهم جميعا .. من يتفق معى ومن يختلف ويعارض .. من يوافقنى الرأى والرؤية ومن يمتلك رؤيتة الخاصة ويدافع عنها وينادى بها .. وهذا كله أمر طبيعى جدا.
فلا أحد فينا يمتلك الحقيقة أو الصواب أو اليقين المطلق والحكمة الصافية .. كل واحد منا يفكر ويجتهد ويحاول .. قد يصيب وقد يخطىء .. وهذا هو الدور الحقيقى لهذا الموقع الجميل وتلك هي رسالته ومهمته أن يفتح ألف باب للحوار والنقاش وتبادل الأفكار والآراء والرؤى والبحث عن حلول لكل مشكلاتنا الكثيرة والموجعة والكبيرة .. وهى مشكلات .. أبدا لن نستطيع مواجهتها أو نجد لها حلولا إن بقيت كل كتاباتنا ومشاركاتنا وتعليقاتنا مجرد سخرية من أى شىء ومن كل أحد وباتت كلماتنا ليست إلا محاولة دائمة للانتقاص من أقدار الجميع والتقليل من شأنهم واحترامهم أيا كانت الملامح والأسماء والأماكن والأدوار .. العمر أو المنصب أو الخلفية الثقافية والاجتماعية .. ففى النهاية يبقى الكلام حقا للجميع .. ويبقى الفكر والاجتهاد والمحاولة والرؤية ملكا للجميع دون أى تفرقة أو استثناء.
فلا أحد فينا يمتلك الحقيقة أو الصواب أو اليقين المطلق والحكمة الصافية .. كل واحد منا يفكر ويجتهد ويحاول .. قد يصيب وقد يخطىء
وإذا كنت خائفا .. كثيرا وجدا .. من مجرد الكتابة هنا لأول مرة .. فانا خائف أكثر من اختيار قضيتى أو رسالتى فى أول مرة لى أكتب فيها هنا .. ولكننى بعد تفكير طويل .. قررت أن أكتب عما هو مسكوت عنه طول الوقت .. وأقصد به تشجيع الجمهور للأندية .. سواء كان الأهلى أو الزمالك أو الاتحاد أو المصرى أو الإسماعيلى.
وقد فكرت كثيرا فى العوامل التى تجعل أى أحد منا عاشقا لناد معين .. ما هى أسباب ودوافع ذلك .. هل الإنسان الذى ولد فى بيت أهلاوي يخرج عاشقا للأهلي وبالمثل بالنسبة للزمالك .. ممكن جدا بالطبع .. وهذا هو ما يحدث فعلا بالنسبة لغالبية جمهور الناديين مع استثناءات قليلة جدا نجد فيها الأهلاوي الوحيد في بيت زملكاوى أو العكس.
أما بالنسبة لجماهير الأندية الأخرى .. فالجغرافيا هنا هى التى تحدد الاختيار .. أهل الإسماعيلية يشجعون ناديهم وكذلك أهل الإسكندرية أو بورسعيد .. ولا أظن أن الكثيرين الآن يتوقف أحد منهم مع نفسه ليسأل .. لماذا أشجع الأهلي أو الزمالك .. دعكم من الإجابات سابقة التجهيز مثل أنه النادي الأعظم أو الأهم أو الأجمل .. فليس هناك صبى أو طفلة .. شاب أو فتاة .. جلسوا أولا يبحثون فى دفاتر الواقع وحكايات التاريخ عن النادي الأعظم أو الأهم والأجمل .. ليتخذ أو تتخذ فيما بعد قرارا بتشجيع هذا النادى والانتماء إليه .. أبدا .. لا يحدث ذلك مطلقا مع أى أحد .. إنما يكبر كل واحد أو واحدة منا وقد أصبح أهلاويا أو زملكاويا .. ثم يروح بالضرورة ومع الوقت يفتش أو يخترع أسبابا لانتمائه وتشجيعه لهذا النادى .. حتى لو اخترع أسبابا غير حقيقية أو تخيل ما لم ولن يحدث .. وليس ذلك مهما.
فالإنسان حين يحب .. يصبح من حقه تماما أن يخترع ما يشاء من صفات وأحوال وصور عمن يحب .. وبالتأكيد هناك أسباب حقيقية وداخلية وراء حب كل واحد أو واحدة منا لناد ما .. وليس من بينها تحقيق هذا النادى لأى بطولات وانتصارات .. وإلا كان الأولى بكل الإنجليز تشجيع مانشيستر يونايتد أو أصبح الإسبان كلهم يشجعون إما ريال مدريد أو برشلونة.
دعكم من الإجابات سابقة التجهيز مثل أنه النادي الأعظم أو الأهم أو الأجمل .. فليس هناك صبى أو طفلة .. شاب أو فتاة .. جلسوا أولا يبحثون فى دفاتر الواقع وحكايات التاريخ عن النادي الأعظم أو الأهم والأجمل
لكن المشكلة تبقى فى مصر هى الاتهامات المتبادلة بين مشجعي جماهير الناديين الكبيرين والأندية الأخرى أيضا .. فأنا على سبيل المثال أقرأ لأهلاوي متعصب يتهم عشاق الزمالك بالتخلف أو السذاجة أو زملكاوى متعصب يتهم عشاق الأهلى بالتخلف أو سوء الأخلاق .. وهى اتهامات .. بالتأكيد لا أقبلها .. ولكننى أيضا لا أفهمها .. فهؤلاء العشاق المتعصبين .. يتخيلون أن هناك صفات تشريحية مشتركة .. وإنسانية واجتماعية .. تجمع بين عشاق كل ناد .. وبالتالى يتخيل هؤلاء المتعصبون أن هناك قطعا صفات مشتركة حتما تجمع بين كل عشاق الأهلى أو الزمالك .. وهذا ليس صحيحا على الإطلاق.
ولا أعرف من أين يأتي هؤلاء المتعصبون بمثل هذه الجرأة التي تجعلون يطلقون هذه الأحكام الساذجة بمثل هذه الثقة .. والكارثة أن من يطلقون هذه الأحكام ويفرحون بها .. يجدون من يصدقهم ويقتنع بذلك ويجاريهم فى تلك الاتهامات الباطلة والسخيفة .. وهو ما يجعلني أتوقف أمام مشكلة أكبر وظاهرة مصرية صميمة .. ففى العالم كله .. هناك أندية تتنافس وتخوض مواجهات صعبة وقاسية ليست فقط فى ملاعب الكرة وحدها .. وإنما فى الإعلام والشوارع والبيوت وشبكة الإنترنت .. وربما تتنافس تلك الأندية فى بلدان كثيرة فى عالمنا بشكل أشد قسوة وعمقا وضراوة من منافسة وصراع الأهلي والزمالك.
فهناك صراعات عالمية ليست تدور كلها داخل ملاعب كرة القدم وحكاياتها .. وإنما فيها التاريخ والدماء والحروب والصراعات الطائفية والسياسية والعرقية أيضا .. ورغم ذلك لا يشهد هذا العالم ما نشهده نحن هنا فى مصر .. مصر وحدها هى التى فيها جمهورا يشتم جمهورا لا لشىء إلا لأنه جمهور يشجع الفريق المنافس .. هناك يكتفى كل جمهور بتمجيد فريقه والتغزل فيه .. ثم يتولى الرد على أى اتهامات أو انتقادات تطال الفريق ولاعبيه ونتائجه ومسئوليه.
فهناك صراعات عالمية ليست تدور كلها داخل ملاعب كرة القدم وحكاياتها .. وإنما فيها التاريخ والدماء والحروب والصراعات الطائفية والسياسية والعرقية أيضا
أما هنا في مصر .. فهناك جماهير كثيرة ليست معنية أو مشغولة بالدفاع عن ناديها .. وإنما كل ما يهمها هو شتيمة الجمهور الآخر طول الوقت .. وهذا قطعا ليس تشجيعا .. إنما هي أزمات شخصية ونفسية واجتماعية تتخفى وراء قناع تشجيع كرة القدم والانتماء لأي ناد من تلك الأندية .. وكانت النتيجة أنه على الرغم من كل هذا الاهتمام المغالى فيه من الجماهير بالأهلي والزمالك .. على الرغم من هذه الكتابات التي لا أول لها ولا آخر .. إلا أن القليل منها فقط هو الذي يبقى إيجابيا وله قيمة واضحة وظاهرة .. كاستكمال تاريخ ناد أو توضيح حقائق غائبة أو حسم كثير من الشكوك والرد الواضح والمقنع على كثير من الأسئلة.