لم يكد الجهاز الفني للمنتخب الوطني يعلن عن قائمة الفريق المبدئية لكأس الأمم الافريقية، حتى تصارع الجدل حول الأسماء التي تم استدعائها لسبب او لأخر.
لا خلاف ان الجدل والنقاش من أجمل الأشياء في المجال الرياضي واختلاف وجهات النظر بين أطراف المنظومة كلها سواء مسؤولين او متابعين من الجماهير من شأنه ان يثرى المجال بشكل مباشر او غير مباشر، لكن اعتقد ان وضع ضوابط لهذا الجدل يمكن ان يجعله أكثر افادة.
ففي ملفنا الحالي وهو القائمة المبدئية للمنتخب أرى ان كثيرين لا يضعون ضوابط في جدالهم وهو الامر الذي قد لا يثري المجال، وبالتالي يجعل الجدل يتجه للشارع السلبي اكثر منه الإيجابي خصوصا في المثال القادم الذي سأعطيه.
كنت ضيفا على إذاعة الشباب والرياضة مع الأستاذة نجلاء حلمي، ومجمل الاعتراضات علي قائمة المنتخب من المتابعين كانت تتركز حول الاتي:
اختيار حمادة طلبة رغم فسخه تعاقده مع ناديه المصري، واختيار الحضري رغم كبر سنه، واختيار محمد إبراهيم رغم ابتعاده لفترة بسبب الإصابة.
في المقابل، لم يتم اختيار حسام غالي ومؤمن زكريا ووليد سليمان، حيث ان الأول يعتبر قائدا لهذا الجيل، والثنائي الأخير تألقا بشكل لافت للنظر مع الأهلي في المباريات الأخيرة.
من الوهلة الأولى قد نرى ان النقاط المطروحة منطقية، لكن عندما "نحلل" الامر بشكل أوسع سنجده ان اختيارات كوبر بالفعل منطقية أكثر من الاعتراضات التي عليها.
وسأبدأ بحمادة طلبة، وهو الذي فتح باب الجدل أكثر من أي اسم اخر، وكلامي هنا ونحن في فترة القائمة المبدئية والتي سيخرج من 4 لاعبين ليكتفي الجهاز بـ23 لاعب فقط سيطير بهم الى الجابون.
طلبة كان وحتى اخر قائمة معسكر مع المنتخب والتي خاضت لقاء غانا في تصفيات المونديال ببرج العرب كان متواجدا وكان يتدرب بشكل طبيعي مع فريقه المصري حتى ولو لم يكن يشارك بصورة منتظمة.
جاء طلبة في منتصف شهر ديسمبر بالضبط وقام بفسخ تعاقده مع ناديه المصري بسبب عدم مشاركته في المباريات بصورة منتظمة، وأصبح اللاعب منذ 15 ديسمبر بدون نادي حتى تم استدعاءه للمنتخب يوم 29 من الشهر ذاته.
وهنا نقف لحظة، ففسخ اللاعب لتعاقده مع ناديه لا يعني انه طوال هذه الفترة كان جالسا في منزله او كان لا يتدرب، مع كامل اتفاقي على ان حساسية المباريات لها أهمية أكبر من مجرد التدريب.
اضيف على ذلك، ان قيام كوبر باختيار طلبة قرار اراه رائع من الناحية الإدارية، فطلبة كان أحد الاعمدة في الفريق الذي كونه كوبر ويسير بشكل جيد في أهدافه الموضوعة، وكان أولها إتمام مهمة التأهل لكأس الأمم الافريقية بعد غياب 3 بطولات متتالية، إضافة الي تربعه على صدارة مجموعتنا بتصفيات المونديال بتحقيق انتصارين في اول مباراتين امام الكونغو خارج ملعبنا ثم امام غانا.
ولم يقصر طلبة في أي من ادواره التي كلف بها والتي توجها توفيق الله تعالي له في هذه الكرة "الأسطورية" التي أنقذها من علي خط مرمى الشناوي خارج الأرض امام نيجيريا.
وبناء عليه، لن أقول ان كوبر يجامل طلبة بسبب انقاذ نيجيريا، ولكن المنطق يقول انه سيكون من المجحف جدا ان يتم استبعاد اللاعب في اول تجمع للمنتخب بسبب انه فسخ تعاقده مع ناديه قبل 14 يوم فقط من اعلان القائمة.
وبكل تأكيد طلبة معرض ليكون من اللاعبين الـ4 الذين سيتم استبعادهم قبل السفر، ولكن هذا شأن اخر، وطالما كنا نتحدث هنا علي القائمة المبدئية، فبكل تأكيد اختيار طلبة مبرر ومنطقي الي ابعد حد اذا ما وضعنا الضوابط المنطقية في الحكم.
بالانتقال الى النقطة الثانية والخاصة بعدم ضم حسام غالي ومؤمن زكريا ووليد سليمان في مقابل اختيار مثلا الحضري ومحمد إبراهيم، فسنجد هنا ان الضوابط الموضوعة غير منطقية.
فالحضري ليس هو الحارس الأفضل في مصر حاليا، لكنه بكل تأكيد يملك من الخبرات الدولية الكثير وهو ما لعب عليه هو شخصيا اثناء لقاء غانا.
ومركز حراسة المرمي يمكن ان يحدث فيه استثناءات فيما يخص السن، فالشناوي واكرامي مع ارتفاع مستواهما في الوقت الحالي سيكون مركز الحراسة الأساسي من نصيب احدهما، علي ان يكون الحضري هو الثالث من حيث الخبرة وقيادة الفريق.
لكن بالانتقال الي مركز خط الوسط سواء خط الوسط المدافع (CDM) او لاعب خط الوسط (BOX 2 BOX) سنجد انه من الصعب للغاية ان يتم بهما أي استثناءات ولو لـ1%، نظرا لأهمية هذين المركزين في طرق كرة القدم حاليا.
والفترة الأخيرة اثبتت، ان خط وسط الأهلي لم ينصلح الا مع دخول احمد فتحي كلاعب خط وسط دفاعي ثاني بجوار حسام عاشور، وهو الثنائي الأفضل فنيا عن ثنائي غالي وعاشور.
اما بالنسبة لنقطة محمد إبراهيم ومقارنته بمؤمن زكريا او وليد سليمان، فهنا أيضا الضوابط الموضوعة غير منطقية، فاختيار محمد إبراهيم واضح انه ليكون بديلا لعبدالله السعيد في مركز صانع الألعاب (CAM) في القائمة وليس ليكون احد لاعبي الجناح سواء ايمن (RW) او ايسر (LW).
فعلي المستوي الشخصي لا أرى لعبدالله السعيد بديلا حاليا في مصر سوي اثنين هما محمد إبراهيم او صالح جمعة لكن الأخير بعيدا قليلا عن الساحة.
وبالتالي فوضع إبراهيم في مقارنة مع مؤمن زكريا او وليد سليمان في الاختيار غير منطقي، لان ثنائي الأهلي المتألق حاليا أصبحا لاعبي جناح أكثر منهما صانعي العاب من العمق، وهو الامر الذي يجيده محمد إبراهيم عنهما.
وعلى إثره، لا تصبح منافسة مؤمن ووليد مع إبراهيم، بل أصبحت مع الرباعي القادم من الاحتراف الأوروبي وهم محمد صلاح وتريزيجيه ورمضان صبحي وعمرو وردة، وبالتالي ستكون الاختيارات هنا منطقية.
وبنفس حال طلبة، أيضا محمد إبراهيم معرض تماما ليكون احد الـ4 لاعبين الذين سيتم استدعائهم لكن يبقي اختياره ضمن القائمة المبدئية مبررا.
لمناقشة الكاتب في مقاله عبر:
فيسبوك .. من هنا
تويتر .. من هنا