الأربعاء 10 يناير 2018
02:16 م
هذه السطور ليست ضربًا للودع، أو قراءة للفنجان ولا حتى تحليل لمعطيات قُـتلت بحثًا باتت نتائجها معروفة للجميع مسبقًا عندما تطرح اسم «الزمالك» على مائدة الحوار، إنما هي إلقاء ضوء على تغيير مواقف لن يدفع ثمنها إلا النادي الكبير الذي تحوَّل على لسان روداه ونجومه إلى قضية أمن قومي مثلما طلب من قبل النجم السابق أحمد حسام «ميدو» بضرورة تدخل الدولة لإنقاذ الموقف فيه.
حال «الزمالك» بات بالفعل يمثل حالة يرثى لها، ليس من محبيه الذين يئسوا تمامًا من خطوات الإصلاح بل من جماهير غريمه، الأهلي، أيضًا الذين تخطوا مرحلة الشماتة الكروية الحميدة عبر السوشيال ميديا إلى المطالبة بإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد أن هبطت المسابقات واختفت روح المنافسة ولم يعد للبطولات طعمٌ أو لونٌ؛ بسبب غياب المنافس الحقيقي والقوي، فالجميع يرى تخبطًا وتصدعًا في البيت إلا أهل البيت ذاتهم، بل إن صح التعبير صاحب البيت الأوحد الذي طرد الجميع من الساحة واستأثر بالكرسي منفردًا، ليخرج قبل القمة 115 الأخيرة ويقول: «سنفوز على الأهلي». تصريح لا يقدم عليه عاقل، وسط كم غير عادي من الغيوم.
التعاقد مع إيهاب جلال مديرًا فنيًّا لن يصلح حال النادي الذي يئن من مشاكل واضحة وصريحة في الإدارة، لذا سيظل رئيسه يتنقل بلا وعي بين المدربين المحليين تارة، والدوليين تارة أخرى ظنًّا منه أنه يبحث عن ضالته، في حين أنه صاحب النصيب الأكبر من المشاكل.
أما جلال فسيخرج حتمًا من البيت الأبيض بنفس الطريقة الفاضحة لسابقيه، فهو مَن اختار طريقه هادمًا بيده لا بيد غيره مبادئه التي كان يعلو من شأنها بالأمس القريب عندما رفض تدريب «الزمالك» الموسم الماضي بدعوى أنه يحترم تعاقداته ولا يترك فريقًا يدربه كي يتولى مسؤولية آخر إلا في بداية موسم كي يقف بنفسه على اختيارات اللاعبين، وهو ما لم يحدث مؤخرًا بترك فريق إنبي في منتصف الموسم الجاري بعد أن وثقت فيه إدارة النادي البترولي ليكون خليفة لطارق العشري واختار «الزمالك» محصنًا نفسه بعقد لمدة موسم ونصف الموسم وهنا مدة التعاقد تعكس اعتراف الطرفين بأنَّ المنافسة هذا الموسم باتت منعدمة وهو أمر مقبول وأنَّ جلال جاء لإعداد الفريق للموسم المقبل، وبالطبع قد يتطلب الأمر شراء مزيد من اللاعبين الجدد وسط زخم متواصل من التعاقدات بشكل موسمي أضاع هوية أبناء النادي وهي واحدة من العقبات، فلم يعد هناك مَن يدافع عن ألوان الفريق في ظل توافد صفقات بشكل غير مدروس.
وضع جلال شروطه وتمت الموافقة عليها بالحصول على 600 ألف جنيه شهريًّا كما وضع جهازه المعاون ليضم حمد إبراهيم مدربًا عامًّا ومصطفى كمال - ابن الأهلي - مدربًا لحراس المرمى، كما حصل على ضمانات بالتأكيد على عدم التدخل في شئونه مع اللاعبين، والنقطة الأخيرة هي محل الشك كله بل تميمة مرور جلال ولحاقه بسابقيه الذين خرجوا بفضائح متنوعة ما بين سلسلة مداخلات وتراشقات ومعايرة بأقل القليل مثلما يتحدث عن عزومات السمك والجمبري والكفتة وأحيانًا يتطلب الأمر تدخل سفارات أجنبية، كما حدث مع المدرب البرتغالي السابق إيناسيو، وهي أمور كلها محببة لعدد من القنوات الفضائية، فرئيس النادي لا يمتلك نفسه أمام أضواء الكاميرات ولا رنة المداخلات كما يظن دائمًا أنه صانع الإنجازات ولا يريد لأحد أن يشاركه فيها- حال تحققها أو الاقتراب منها على أرض الواقع- وهو ما يؤكد تدخله في شئون الفريق آجلاً أم عاجلاً.
إيهاب جلال لن يكلف زعيم البيت الأبيض أي مجهود في النقد؛ لأنه هادئ الطباع، خجول في الكلام، عرفته قبل عشر سنوات في بداية عمله التدريبي عبر البرامج الرياضية، فهو غير ثرثار يفضل وضع الكلام في محله، فقط يراهن دائمًا على العمل الجاد، والتجارب الأخيرة أكدت أنه مدرب صاحب فكر ولديه من الإمكانيات التي تدفعه لقيادة فريق بحجم «الزمالك» لكن مشاكل الأخير مزمنة ومتمركزة في شخص واحد لا يرى إلا نفسه مما سبب أزمات نفسية للاعبين، فهذه المجموعة لن تقدم شيئًا- وهي نظرة ليست تشاؤمية - بل قراءة لواقع يقره الجميع ويلمسه، بدليل حال اللاعبين في التدريبات قبل القمة بأربعة أيام.. تشعر وكأنهم أطفال مدرسة في حصة ألعاب وليسوا نجومًا يستحضرون قواهم قبل واحد من أهم الديربيات العربية والأفريقية على الإطلاق، فقد تسربت العزيمة وزاد اليأس ولن يكون إيهاب جلال الساحر الذي ظنَّ أنه حصن نفسه بشرط جزائي وبعقد طويل الأمد، كلها أمور جيدة نحو الإصلاح لكن سيظل التدخل قائمًا ومداخلات النقد موجودة والحديث عن اللاعبين فعالاً وسيزيد الأمر تعقيدًا مع أي نتائج سلبية ستتحقق.
ربما يتأجل الصدام قليلاً؛ بسبب غياب المنافسة هذا الموسم، لكنه سيأتي لا محالة وليس نيبوشا وطارق يحيى وإيناسيو وميدو وحازم إمام والبرازيل باكيتا ببعيدين