فيكتور جيوكيريس.. من دوامة الإعارات في الدوريات الأدنى إلى مهاجم عالمي

أعلن نادي أرسنال الإنجليزي، التعاقد مع السويدي فيكتور جيوكيريس قادماً من نادي سبورتنج لشبونة البرتغالي.

وبعد إتمام صفقة انتقال فيكتور جيوكيريس إلى أرسنال، نلقي الضوء على رحلة المهاجم إلى ملعب الإمارات عبر سبعة أندية وخمس دول.

في يناير 2021، وفي خضم الإغلاق الثالث في المملكة المتحدة بسبب كوفيد-19، بدا أن مسيرة فيكتور جيوكيريس قد وصلت إلى مفترق طرق.

بعد أن أرسله نادي برايتون على سبيل الإعارة للموسم الثاني على التوالي، والذي كان حريصًا على منحه فرصة تجربة كرة القدم الأساسية التي شعروا أنهم لا يستطيعون تقديمها، قضى جيوكيريس الجزء الأكبر من ثلاثة أشهر محبطة في تدفئة مقاعد البدلاء في نادي سوانزي سيتي الذي يلعب في دوري الدرجة الأولى الإنجليزي.

ومن الواضح أن الأمور لم تكن على ما يرام لأي من الطرفين، لذا قبل منتصف فترة الإعارة المتفق عليها، استدعاه برايتون.

في ظل كفاحه للحصول على وقت للعب في نادٍ من الدرجة الثانية، كانت فكرة أن يصبح جيوكيريس واحداً من أكثر المهاجمين طلباً في أوروبا خلال بضع سنوات غير معقولة.

ومع ذلك، فإن آرسنال يعلق آماله في الفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز عليه، حيث يسعى الفريق إلى أن يصبح بطلاً بعد احتلاله المركز الثاني ثلاث مرات متتالية.

بعمر 27 عامًا، أكمل النجم السويدي السابق مسيرته المتعرجة نحو قمة مستواه، فعندما يتعلق الأمر بفيكتور جيكيريس، لم يكن الطريق مباشرًا على الإطلاق.

الانضمام إلى برايتون

عندما نجح برايتون في التعاقد مع أحد ألمع المواهب الشابة في السويد بعد فترة وجيزة من عيد ميلاده التاسع عشر، اعتُبر ذلك بمثابة ضربة موفقة للنادي الواقع على الساحل الجنوبي لإنجلترا.

بدأت المسيرة الكروية الرسمية لجيكيريس عندما كان في الخامسة من عمره، بعدما أقنعه والداه – رغم معارضته في البداية – بالانضمام إلى نادي IFK Aspudden-Tellus المحلي في ستوكهولم.

وقد شرح لاحقًا قائلاً: "كانا يظنان أنه ينبغي لي أن أتدرب مع فريق، وهو ما لم يعجبني في البداية"، مشيرًا إلى دور والده ستيفان، الذي انضم إلى النادي كمدرب في نفس الوقت، وأضاف: "خوضنا تلك الرحلة سويًا ساعدني كثيرًا. كنا نتشارك اللحظات الجيدة والسيئة".

وفي سن المراهقة المبكرة، انتقل إلى أكاديمية المواهب الشهيرة في العاصمة بنادي IF برومابويكارنا، التي خرّجت أيضًا لاعبين مثل ديان كولوسيفسكي، وجون جيديتي، ولوكاس بيرجفال. وهناك بدأ جيكيريس تحوله من جناح إلى مهاجم صريح.

لا يعرف الرحمة إطلاقًا

قال جيوكيريس: "بينما كان الجميع يتدربون بشكل طبيعي، كنت أتدرب بمفردي في الجانب الآخر من الملعب، أُتقن شيئًا بسيطًا جدًا"، مضيفًا: "لقد كان الأمر صعبًا للغاية، لكنه رفعني إلى مستوى أعلى".

كانت موهبته لافتة لدرجة أنه حصل على أول مشاركة له مع الفريق الأول بعد فترة قصيرة من عيد ميلاده السابع عشر، وسرعان ما أصبح عنصرًا أساسيًا في التشكيلة الأساسية لفريق برومابويكارنا خلال الموسمين التاليين.

ويتذكر مدربوه لاعبًا يتمتع بإرادة لا تُضاهى. وقال بيتر كيسفالودي، المدير السابق لأكاديمية برومابويكارنا، في تصريح لموقع ذا أثليتك العام الماضي: "إذا سنحت له فرصة للتسجيل، لا يهم إن كسر ساقه، يجب أن يُسجّل. إنه لا يخاف، إنه بلا رحمة تمامًا".

وأضاف: "لقد تطوّر كثيرًا، ولم تكن لديه المهارات الفنية في البداية. لكنه كان دائمًا قويًا بدنيًا. استطاع اللعب مع الكبار مبكرًا لأنه كان قويًا وسريعًا".

ومع تزايد معدلات تسجيله للأهداف بشكل مستمر، وقّع جيوكيريس على اتفاقية انتقال إلى برايتون بعد نهاية موسم 2017، وهو الموسم الذي شهد صعود برومابويكارنا إلى الدوري السويدي الممتاز.

وفي مباراته الأخيرة، التي كانت حاسمة لحسم لقب الدوري، ودّع الفريق بطريقة أسطورية بتسجيله "هاتريك" في فوز بنتيجة 4-1.

دوامة الإعارات

رغم أنه أنهى أولى أشهره كلاعب في صفوف برايتون بتسجيل أهداف في أربع مباريات متتالية في دوري الرديف الإنجليزي (Premier League 2)، إلا أن الصعود الذي كان يطمح إليه إلى الفريق الأول لم يكن سهلًا على الإطلاق.

كانت مشاركات فيكتور جيوكيريس في بطولتي كأس الاتحاد الإنجليزي وكأس الرابطة محدودة وسريعة، وقضى موسم 2019/2020 بأكمله معارًا إلى نادي سانت باولي الألماني، حيث سجل 7 أهداف في 28 مباراة.

ثم جاءت الإعارة المحبطة إلى سوانزي سيتي، حيث فشل في هز الشباك خلال 11 مشاركة، أغلبها كبديل.

لكن لحسن الحظ، وفي وقت بدت فيه مستقبله غامضًا، كان لديه داعم مهم: كريس بادلان، المسؤول عن التعاقدات في نادي كوفنتري سيتي آنذاك، والذي كان يتابع تطور اللاعب السويدي منذ أيامه مع برومابويكارنا.

قال بادلان لصحيفة ديلي ميل: "كان يطابق المواصفات التي نبحث عنها – مهاجم قوي ورياضي يمكنه توسيع رقعة اللعب".

وخلال النصف الثاني من موسم 2020/2021، تمت إعارته إلى كوفنتري، وحقق خلالها 3 أهداف فقط في 19 مباراة، وهي أرقام لم تكن لافتة، لكنها كانت كافية لإقناع النادي بالتوقيع معه بشكل دائم.

ومع انطلاق الموسم التالي، ظهر جيوكيريس كلاعب مختلف تمامًا.

قال بادلان في تصريحات لـ ESPN العام الماضي: "أكبر نقاط قوة فيكتور تكمن في عقليته. عندما يُقرر فعل شيء، ينفذه بلا تردد. لقد عاد من الصيف وكأنه في مهمة خاصة، عمل على تعزيز نقاط قوته. كان بالفعل عداءً قويًا، لكنه فجأة أصبح أضخم في الجزء العلوي من جسده، وازدادت قوته في الجذع. وهذا منحه قدرة أكبر على التفوق على المدافعين. عقليته مذهلة".

وخلال الموسمين التاليين – بعد أن تحول بشكل كامل من جناح أيسر إلى مهاجم صريح رقم 9، سجّل 40 هدفًا في 97 مباراة مع كوفنتري، ليصبح أحد أكثر المهاجمين غزارة تهديفية في دوري البطولة الإنجليزية (تشامبيونشيب)، وساهم في وصول فريقه إلى نصف نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي أمام مانشستر يونايتد، والذي خسره بصعوبة بالغة.

وهكذا، طويت صفحة سوانزي، وبدأت مرحلة جديدة في مسيرة جيوكيريس نحو القمة.

الانتقال إلى سبورتينج لشبونة

بعد أن أبلغ كوفنتري بكل وضوح أنه لا يرغب في الانتقال إلا إلى نادٍ يتمتع بمكانة مرموقة، انتقل فيكتور جيوكيريس إلى نادي سبورتينج لشبونة بطل البرتغال 21 مرة، في صيف 2023، في صفقة قيل إنها قياسية في تاريخ النادي البرتغالي.

وكان هذا الانتقال بمثابة انطلاقة مذهلة في مسيرته، حيث تألق بشكل لافت تجاوز كل التوقعات.

في موسمه الأول مع سبورتينج، سجل 29 هدفًا في الدوري البرتغالي خلال 33 مباراة.

وفي الموسم الماضي، رفع رصيده التهديفي إلى رقم مذهل بلغ 39 هدفًا في نفس عدد المباريات، بالإضافة إلى تسجيله 6 أهداف في دوري أبطال أوروبا، من بينها ثلاثية "هاتريك" في شباك مانشستر سيتي.

ماذا يقول برايتون - النادي الذي استغنى عنه منذ سنوات - عن تطوره الآن؟

أوضح الرئيس التنفيذي لبرايتون بول باربر، لموقع ذا أثليتك: "اللاعبون يتطورون بمعدلات مختلفة، في عام 2021، عندما انتقل فيكتور إلى كوفنتري، لم يكن مساره معنا واضحًا، ومع اقتراب نهاية عقده، كان يبحث عن استقرار دائم. علينا أن نتقبل قرار البيع كما كان في ذلك الوقت، مناسبًا للاعب، ومناسبًا للنادي أيضًا".

وأتم: "ما فعله فيكتور بعد ذلك أمر رائع، الجميع سعداء من أجله، إنه شاب رائع وقد أصبح لاعبًا مذهلًا، نتمنى له التوفيق".