في تحليلات عقل المباراة .. رحلة داخل عقول المديرين الفنيين لكلا الفريقين ونجتهد لإبراز النواحي التكتيكية المتخصصة التي كانت موجودة في المباراة ونضيف عليها ما كان يجب أن يكون متواجدا حتي تصل كرة القدم بشكلها المتخصص داخل عقل القارئ.
هل تتذكر شكوي الأهلي من أبعاد ملعب بتروسبورت في إنها تؤثر علي أداء الفريق بسبب تقوقع المنافسين في الخلف وهل تتذكر تفوق الزمالك علي نفس الملعب بسهولة إبان تواجد كهربا كعنصرهجومي أساسي في الفريق ..بين عام وأخر تغير الحال بين الفريقين.
حتي وقت قريب كان الأهلي يعتمد علي التفوق البدني قبل المهاري والفني أمام منافسيه دون أن يدرك أن تحول لاعبيه المهرة بالأساس إلي لاعبين بدنيين فقط مع قليل من المهارة سوف يقلل من قوة الفريق دون قصد إلي أن يأتي الفوز في النهاية بسبب عوامل الإصرار بجانب عوامل اخطاء الدفاع من المنافس .
في الوقت ذاته كان الزمالك يعتمد علي أجنحة مهارية لا تحتاج للركض ولكنها تحتاج إلي ملعب متوسط الحجم يساعدها في تنفيذ الشق الهجومي دون أن يصبح الدفاع هاجسا عند أفرادها وفي الوقت الذي يقوم فيه المنافس بدراسة ذلك جيدا كان الزمالك يعاني في بعض الاوقات (حتي في وجود طارق حامد وفرجاني ساسي) .
لا أعرف إن كان ذلك مقصودا من فايلر أم لا ..ولكن فكرة إشتراك وليد سليمان (المعدل) كثالث في خط الوسط وإعادة أجايي لمركز الجناح كان مخاطرة في تغيير أسلوب اللعب ولكن يبدو أن الفريق بات مثل مدربه (سويسريا) في توقيت كل شىء .
تدريبات تحمل الأداء التي يقوم بها المعد البدني ظهر أثرها علي الفريق بشكل مذهل لا يهم إن كان حمدي فتحي موجودا أو أن يغيب أفشة عن مركزه الأساسي ..بل يستطيع أجايي ان يعوض مكان رمضان وان يلعب افشة دور السولية والسولية دور حمدي دون ان تظهر ثغرات في عمق الوسط مثلما جاء مع بيراميدز اثناء تولي رامون دياز.
(الأهلي فريق بدني قوي والقائمة مثل أي فريق متوسط في البوندزليجا)
هكذا وصف فايلر قائمة فريقه .. لم يقف رينيه عند حدود قوة الفريق البدنية لإنه في النهاية مدرب كرة قدم بل إهتم بكيفية تطوير الشق الفني والذي جعلنا في لحظات نشك بأن الكرة المصرية تعاني خللا في المواهب وهو ما يتأكد عندما تقارن بين حال (المنتخب الأول) وبين الأهلي مثلا.
لطالما نادينا بالتكنيك قبل التكتيك حتي نري كرة قدم طبيعية ..الخوف والحذر في أن تخطىء سيجعلك تخطىء ولكن إن كنت مدربا بشكل كاف ستجد الأمور أكثر سهولة ويسر
(عندما تسمع صوت صافرتي وانت علي وشك التسديد ..عليك ان تتوقف فورًا) رينيه فايلر بعد توليه مسئولية الأهلي في البداية.
هذه العبارة تعني بأن الأمر غير متروكا لك بل يجب أن تنتظر لتعرف هل ما قمنا به صحيح كفريق وهل فرصتك في التسديد افضل ام التمريرهو الأفضل في هذه اللقطة ..امر ليس لدي فيه ادني شك بأن فايلر قام بفعله وتوجيه اللاعبين نحوه.
وليد سليمان لم يكن صانعا للألعاب لأنه لا يجيد هذا الدور وسبق أن قمنا بتحليل ذلك عمليا في اكثر من تحليل ..سليمان يجيد الإنطلاق خلف رأس الحربة وإن وضعنا مروان الذي يتحرك أكثر مما يصنع خطورة سيصبح ذلك مقبولا ولكن كيف ستصبح هجمات الأهلي خطرة ؟
لا يمكن ان تدافع في الإتجاهين معا .. قاعدة علمية كروية ، لذلك فإن خيارات التمرير يجب أن تكون دائما مفتوحة ومتاحة وهذا لن يتحقق إلا بتحرك اللاعبين بشكل محدد سلفا ..هل تظن ان ذلك كل شىء ؟ أنت مخطىء
( إرفع رأسك فوق أنت أهلاوي ) ليست ذلك عبارة تشجيعيه او دعوة للفخر ولكنها حقيقة لاحظتها بالأمس ..كل اللاعبين يقومون برفع رؤسهم قبل تسلم او تسليم الكرة ..يعرفون اين يتواجد زملائهم تمهيدا للمسة الثانية ومن هنا تختفي ازمة الأهلي بغياب إرتكاز الوسط الدفاعي.
إستمرار الأهلي في الإستحواذ علي الكرة مع إشعار المنافس بوصوله بين دقيقة واخري يكبل اجنحه المنافس وثالث الوسط وبالتالي تصبح فرصة شن المرتدات علي الاهلي (ضعيفة أو نادرة) وهذا كله يرجع إلي إجادة الأهلي للأسلوب الهجومي وعدم قدرة الجونة علي تطبيق التحولات وليس له علاقة بنظرية (الغل الكروي)
تمركز أجايي في العمق مثلما إعتاد فايلر تطبيقه مع الاجنحة بالتزامن مع منطقة اللعب لتقديم الزيادة في العمق وفتح مساحة في الاطراف وبذلك يكون لدي افشة خيارات (السولية للوراء قليلا) سليمان في العمق عكس إتجاه افشة ، مروان في المقدمة .. اجايي في جانب الملعب الايسر ، ومساحة فارغة يستطيع ان ينطلق بها معلول (خمسة خيارات في كل هجمة إضافة إلي تقدم افشة نفسه بالكرة) وهذا ما يعني ضرورة ان يدافع نصف الفريق كاملا + 2 في تلك المساحة.
لو إستطاع الجونه علي سبيل المثال عمل ذلك بالتالي سيصبح لدي افشة فرصة للإتجاه إلي جهة اليمين والتي يتواجد بها حسين الشحات ومعه هاني وهنا سيصبح لدي الجونة مثلا لاعبين او ثلاثة بحد اقصي ولكن في مساحة طولية كبيرة وهذا ما يحتاجه حسين او هاني للتقدم وإرسال عرضية او التوغل بالكرة وصنع الخطورة.
لا داعي للسؤال عن كيفية التحول للجونة لإن أقصي طموح الفريق عند التقوقع بهذا الأسلوب في أن يخرج إلي منتصف ملعب الأهلي وهذا ما لا يسمح به افراد الهجوم الذين يضغطون في جزء والباقي يتمركز في الجزء الأخر لإجهاض التحول مبكرا أو إجبار الجونة علي لعب كرة طويلة كانت في الأغلب من نصيب قلبي الدفاع.
إثنين من لاعبي الاهلي علي التنفيذ في الركنية بالتالي يصبح من الضروري وجود إثنان من الجونه ومعهم لاعب قريب للتغطية .. وفي قلب منطقة الجزاء تواجد خمسة من لاعبي الاهلي كان يستلزم معهم خمسة من لاعبي الجونة ولاعبان لتغطية منطقة ال 6 ياردات واخر للعارضة القريبة ، ما اقوله لك يتم تنفيذه في اغلب فرق العالم ..ولكن ذلك كان يعني وجود مساحة للتسديد من الخارج وهنا جاءت خدعة فايلر في الهدف الاول.
في الهدف الثاني تسلم الشحات الكرة من الخط الايمن في الوقت الذي ذهب فيه مروان محسن للمساك الايسر وترك المساك الايمن بلا دور .. هنا تحرك مروان لاجل إعطاء المساحة لوليد سليمان للتحرك وعند بدء تنفيذ اللعبة يتحرك مروان ومعه رقيبه جهة اليمين وبالتالي يصبح الموقف ( 2 من الجونة ضد مروان ) ووليد بدون رقابة.
عمرو السولية إمتلك الكرة ومررها ولإنه كان أقرب لمنطقة اللعب تقدم لإكمال الزيادة وتحرك افشة في نفس الوقت لمنطقة الوسط .. السولية وقتها قدم الزيادة بشكل مختلف فمع تحرك اجايي للعمق ووصول الكرة لمعلول فالزيادة المنطقة تكون في المنطقة بين اجايي ومعلول لذلك اوهم السولية رقيبه بأنه سيتجه للعمق ثم قام بتغيير قراره لتسلم الكرة علي حدود منطقة الجزاء وقام بالتمويه ثم التمرير فوصلت الكرة لوليد دون رقابة.
ما نتحدث عنه امورا خاصة بالإتقان في التحرك والتمرير ..أي أن قواعد اللعبة تغيرت خاصة في الملعب الضيق بدلا من أن ندخل صراعا بدنيا دخلنا صراعا فنيا مهاريا من لديه المهارات ومتدرب عليها بشكل جيد يربح المباراة.
علي عكس ذلك لعب الزمالك في ملعب السلام بأبعاده الواسعة بإرتكازي وسط أحدهما لم يلعب به علي الإطلاق وأخر لم يشارك في اخر موسم سوي دقائق معدودة وزاد الامر صعوبة اللعب برأسي حربة وبالتالي علي (حسن وحازم) ان يقوما بمهمة إضافية في تغطية عرض الملعب للتغطية علي الظهيرين وطول الملعب لتقليل المساحة بين راسي الحربة والوسط والنتيجة كما رأيت بالأمس.
إشتكي حسن من الإجهاد فخرج وبات وسط الملعب مساحة لنقل الكرات بكل راحة في عمليات التحول وإن ظهرت كثرة عددية للزمالك في العمق باتت الاطراف هي متنفس الخطورة لإنبي لذلك ستجد كرة في الشوط الثاني علي حدود منطقة الجزاء الزمالك ويقوم بإنقاذها مصطفي محمد.
أخيرا .. الغل الكروي ينتهي عند نقطة التفوق الفني والمهاري للمنافس وقتها يصبح غله وبالا عليه.
للتواصل مع الكاتب على فيسبوك إضغط هنا
وعبر تويتر إضغط هنا