جميع المباريات

إعلان

رونالدو وبنزيما.. لا ضوء بلا ظل

حسام مسعود

حسام سعود

عادة ما ينتظر الناس الكسوف الكلي للشمس حين يحجبها القمر، ليتابع الملايين بشغف تلك الظاهرة من خلال النظارات الواقية والتلسكوبات والكاميرات، ظاهرة تحدث كل عام أو عامين، بكلمات أخرى.. تكررت وستتكرر أكثر من أن يترك كريستيانو رونالدو ركلة جزاء للاعب آخر.

هكذا كان حال متابعي كرة القدم عندما سدد المهاجم الفرنسي كريم بنزيما ركلة الجزاء في وجود "الدون" على أرضية السانتياجو برنابيو، فحقيقة تخلي البرتغالي عن تسديد ركلة الجزاء هي ظاهرة تدعو إلي طرح العديد من التساؤلات، حين تأتي تلك البادرة من صاروخ ماديرا المعروف بأنه لا يؤمن بالمجاملات ولا يبالي بشيء إذا كان الأمر يتعلق بتحقيق أرقام قياسية جديدة، فما الذي دفع رونالدو للتخلي عن فرصة إحراز "الهاتريك" رقم 50 في تاريخه.

سرعان ما ظهرت إجابات على كل هذه التساؤلات العديدة، منها أن الدون غير عابئ تماماً بسباق هدافي الليجا وهي الإجابة غير المقنعة تماما لأن اللاعب في أمس الحاجة لأي فرصة لتضييق فارق الأهداف الثمانية بينه وبين الأرجنتيني ليونيل ميسي متصدر الترتيب بـ22 هدف، رونالدو ليس من هذا النوع الذي يفقد رغبته التنافسية بتلك السرعة، وهو ما يقودنا إلى السبب المُعلن والحقيقي في آن واحد.. هو يريد مساعدة بنزيما، ولكن لماذا؟.

لنسأل السؤال بطريقة مختلفة: إذا تدهور مستوى أي لاعب في خط هجوم الريال، هل سيهب رونالدو لدعمه بتلك القوة والعلنية؟ إن كان الأمر كذلك لفعلها مع جاريث بيل الذي لم يقدم إلى الآن ما يوازي المبلغ المدفوع لضمه في 2013، الأمر لا يتعلق بكون زميله في محنة، بل بكون هذا الزميل هو كريم بنزيما على وجه التحديد، في رسالة واضحة إلى رئيس النادي فلورنتينو بيريز خصوصاً بعد كثرة الأقاويل عن احتمالية التعاقد مع رأس حربة في الصيف المقبل، وعلى رأس تلك الترشيحات يتربع الإنجليزي هاري كين مهاجم توتنهام المتوهج حالياً محلياً وأوروبياً.

بالرغم من جميع الانتقادات التي يتلقاها الفرنسي إلا أن خروجه من الريال يعني اهتزاز عرش رونالدو، هكذا يرى الهداف التاريخي للفريق العاصمي. اللاعبين كالضوء والظل، لا وجود لأحدهما دون الآخر، فهل من المعقول أن يقف الدون مكتوف الأيدي يكتفي بمشاهدة أكثر من صنع له أهداف وهو يسقط على حافة الهاوية؟! بالطبع لا، فالمسألة ليست نفعية بحتة بل هي إيمان منه بأنه لا يوجد لاعب في العالم يمكنه تعويض ما يقدمه له بنزيما.

نتفق أو نختلف على كفاءته أمام المرمى، إلا أنه لا وجود لمن ينكر ذاته بمثل هذه الطريقة، وليس نيمار منا ببعيد فهو من ترك فرصة اللعب بجوار ليونيل ميسي أملاً في التفوق عليه، طموح مشروع ولا سبيل لتحقيقه في برشلونة طالما لا يزال ليو حياً، قد تختلف معه ولكنك لا تستطيع أن تنكر حقه في اتباع الغريزة البشرية الساعية دائما إلى البحث عن الكمال.

ماحدث بين ميسي ونيمار هو الطبيعي والمألوف، بينما العلاقة المستقرة بين كريستيانو و بنزيما هي غير المألوفة في حد ذاتها سواء في عالم كرة القدم أو في حياتنا اليومية، فمن الصعب أن تجد من ينكر ذاته ويضحي بمجده الشخصي لأجلك، وهو ما جعل الفرنسي كنزاً لا يعوض بالنسبة لزميله البرتغالي. قد يقتصر الكثير من مشجعي الميرينجي أهمية بنزيما في هذه النقطة فقط ولكن هل هذه هي الحقيقة؟ وصل البعض بالفعل إلى قناعة بأن إمكاناته لا ترقى لمستوى النادي!

 من الصعب تصديق أن لاعب فقير الموهبة أو سيء المستوى قد نجح في الحفاظ على موقعه الأساسي في نادٍ بحجم العملاق الإسباني لمدة تسعة مواسم، بل من غير المنطقي أن يصبر عليه النادي، وإن صبرت عليه الإدارة فليس من السهل أن يجتمع كل من مانويل بيليجريني و جوزيه مورينيو و كارلو أنشيلوتي ورافا بينيتيز وأخيراً زين الدين زيدان على الاحتفاظ به فقط من أجل أن يمهد الكرة لكريستيانو رونالدو، على اختلاف عقليات وطرق لعب المدربين الخمسة السالف ذكرهم.

إذا نظرنا إلى فترتي كلا من مورينيو وأنشيلوتي سنرى أن الفرنسي جمع بين تسجيل الأهداف وصناعة الفرص، حيث شارك بنزيما مع السبيشال وان في 150 مباراة أحرز خلالها 79 هدفاً و صنع 49، ولعب 98 مباراة تحت قيادة أنشيلوتي صاحب إنجاز البطولة الأوروبية العاشرة للفريق الملكي، وسجل خلال تلك الفترة 46 هدفاً وصنع 31، المتأمل في هذه الأرقام يجدها متوازنة و جيدة مع العلم أنه لم يكن مهاجماً صريحاً معهم طوال الوقت، وأن كل المدربين كان اعتمادهم الأكبر على البرتغالي بلا غرابة، فأي مدير فني أتى أو سيأتي للريال سيقوم ببناء فكره وتخطيطه على كريستيانو.

 مهلأً.. هناك من خالف هذه القاعدة، واحد فقط لم يتبع هذا الفكر بل سبح عكس التيار تماماً محاولاً تهميش دور رونالدو بشكل تدريجي في المنظومة الهجومية إيذاناً بتمهيد الطريق لعصر جديد، إنه الإسباني رافا بينيتيز الذي لم يدم في هذا المنصب سوى 6 أشهر فقط بسبب ثورة اللاعبين ضده، التي ربما يكون من أبرز أسبابها هو غضب الدون مما حاول فعله،ولكن دعنا نسلط الأضواء على ما حاول أن يفعله المدرب في فترته القصيرة.

عمل رافا على استعادة مستوى بيل واللعب بكريم بنزيما كمهاجم صريح مع جلب بعض الأسماء الشابة أبرزها لوكاس فاسكيز والبرازيلي كاسيميرو الذي يعتبر طوق النجاة لأزمة وسط الملعب الدفاعي للفريق الملكي التي عانى منها في عهد "دون كارلو"، وتعتبر ولاية بنيتيز هي خير برهان ودليل على أن بنزيما يستطيع تلبية آمال وتطلعات الجماهير كهداف حقيقي للفريق، حيث قاد كريم هجوم الريال في 17 مباراة أحرز خلالها 16 هدف وهو المعدل التهديفي الأعلى في تاريخ اللاعب، على حساب تراجع حصيلة تمريراته الحاسمة إلى صناعة هدف وحيد.

سيظل رونالدو واحد من أعظم الهدافين في تاريخ اللعبة، ولكن بنزيما ليس بهذا السوء الذي تتحدث عنه الجماهير كمهاجم، وهذا إن دل فإنه يدل على أن تفكير الفرنسي داخل الملعب ينصب على تنفيذ التعليمات الموجهة إليه بغض النظر عن آمال وتطلعات الجماهير، بل إنه يتجاهل نفسه ذاتها في المقام الأول، فإذا جاء من يطلب منه اللعب كمهاجم وهمي وأن يمهد الكرة لزملائه سيفعل، وإن طلب منه أن يتقمص دور هداف الفريق سيؤديه على أكمل وجه كما فعل مع ليون الفرنسي عندما أحرز معهم 66 هدفا وهو في ال 21 من عمره، وهذا ما جذب أنظار مدريد إليه في بادئ الأمر.

نعم، بنزيما يقدم مستويات سيئة على صعيد الحسم والإنهاء أمام المرمى، ولكن قد يصاب اللاعب بفترات من عدم التوفيق خاصةً وإن كان يؤدي أدوار أخرى بعيدة عن التسجيل وهو -بشهادة رونالدو نفسه وجميع هؤلاء المدربين- يؤديها بكفاءة، فهل هناك اسم لامع على مدار تاريخ الساحرة المستديرة لم يصب بحالة من عدم التوفيق؟ إنها عادة الكرة يا عزيزي.

باختصار هي لم تكن لقطة عابرة، ولم تكن مجرد دعاية إعلامية لنجم مدريد الأول، فتنازل كريستيانو عن تلك الركلة هو اعتراف صريح منه أمام العالم أجمع وعلى رأسهم فلورنتينو بيريز وجماهير الريال أنفسهم بقيمة النجم الفرنسي كريم بنزيما، وأنه يستحق الدعم كونه الخيار الأول والأفضل -بل والأوحد- لمجاورة البرتغالي، فلا ظل بلا ضوء، ولا ضوء بلا ظل أيضاً.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

أخبار تهمك

التعليقات

تطبيق يلا كورة

تابع الأحــداث الرياضيــة و حــمــل التطبـيق الآن