الأحد 5 ديسمبر 2010
05:06 م
بالتأكيد ستذهب للنائب العام وتتقدم ببلاغ ضد شخص ما .. حين تكون واثقا أن هذا الشخص ارتكب جريمة بالفعل وأن هذا الشخص هو المجرم الحقيقى .. وأنت لن تقرر التشهير بأحد أو فضحه وتأليب كل الناس ضده .. إلا كنت أولا ممن تعرف الكراهية قلوبهم وبالتالي تصبح كارها لهذا الشخص وحاقدا عليه.
ولأننى واثق أن قادة الاولترا الأهلاوي أو الوايت نايتس الزملكاوي ليسوا هم المجرمين الحقيقيين .. ولأنني بالفعل أحبهم وأتعاطف معهم دون أى حقد أو كراهية .. فأنا أناقش هنا ما جرى منذ فترة في حى المعادى .. حين قام بعض افراد مجموعة الاولترا الأهلاوية بإفساد فرح أحد قادة الوايت نايتس الزملكاوي .. فقرر قادة الوايت نايتس خطف شقيقة أحد قادة مجموعة الاولترا الأهلاوي .. وأعادوها بعد قليل دون أى إيذاء جسدى لها لأن القصد كان الإهانة والتجريح واستعراض القدرة والقوة فقط.
وعلى الرغم مما جرى فأنا لست مقتنعا بأنهم مجرمون هؤلاء الذين قاموا بإفساد الفرح أو خطف الفتاة .. وإنما هم مجرد ضحايا للمناخ الرديء الذي أصبحنا نعيش فيه وسنصبح كلنا ضحاياه قريبا جدا .. ولست أتقدم هنا ببلاغ للنائب العام ولا أطالب بتدخل أمنى من أي نوع .. لأنها بالفعل ليست قضية وكيل نيابة أو رجل أمن .. إنما قضية مجتمع بأسره الجناة الحقيقيون فيه هم الذين أحالوا تشجيع الأهلي والزمالك إلى قضية حياة أو موت.
إنها قضية الذين قرروا الاستقالة من أي أدوار أخرى في الحياة واعتبروا أن الانتماء لناد كروي هو كرامتهم ومستقبلهم وشرفهم وحلم حياتهم .. والذين يحرضون على الكراهية والحقد طول الليل والنهار سواء بالكتابة أو الكلام أو التعليق وهذا الأفق شديد الضيق الذى لا يتحمل أى نقد أو حديث عن أى خطأ سواء فى الاهلى أو الزمالك.
ولأننى واثق أن قادة الاولترا الأهلاوي أو الوايت نايتس الزملكاوي ليسوا هم المجرمين الحقيقيين .. ولأنني بالفعل أحبهم وأتعاطف معهم دون أى حقد أو كراهية .. فأنا أناقش هنا ما جرى منذ فترة في حى المعادى
وبعدما كنا نخشى على مصر .. ولا نزال .. من هواة الفتنة والتعصب الديني والطائفي وتقسيم المصريين إلى مسلمين ومسيحيين .. باتت هناك الآن فتنة أكبر تسعى إلى تقسيم المصريين إلى أهلي وزمالك.
والمشكلة أننا كلنا منتبهين للفتنة الطائفية ونخشاها ونتعامل معها بما يليق بها من قلق وتوتر واهتمام وانزعاج .. بينما الفتنة الكروية هى التي تكبر ومعظمنا لا ينتبه لها لأننا نتخيل كل الناس فى بلادنا لا يزالون يتعاملون مع الكرة باعتبارها مجرد لعبة ووسيلة بديلة للفرحة والانفعال والحب والغضب .. بينما هى أصبحت للبعض منا تجسيدا للشرف والكبرياء والحياة نفسها.
وأنا بالفعل لست منزعجا من شباب الاولترا الأهلاوي أو الوايت نايتس الزملكاوي .. حتى وبعضهم بدأ الآن يخطط لفصول جديدة من حرب شوارع ستنشب فى القاهرة والإسكندرية قبل مباراة القمة المقبلة فى أخر يوم فى السنة، ولكننى منزعج للغاية ممن يصنعون كل هذا التحريض على العنف والكراهية والدم .. منزعج من الشعارات الدموية شديدة التعصب التى تصرخ طول الوقت بأن الأهلي .. أو الزمالك .. هو أغلى من الوطن .. وأن لاشىء فى هذا الوطن سيمنع الأنصار من الانتماء للزمالك أو من السير وراء قناة الأهلى أو عشق اللون الأحمر أو الموت فداء للون الأحمر.
وكل هذا العبث الذي يختلط فيه الهزل بالجد .. وتختلط فيه المعاني والصور ما بين ما يستحق الموت من أجله وبين من لم يوجد أصلا إلا لمجرد الترفيه أو التنفيث أو الهروب المؤقت من ضغوط الحياة وهمومها.
وأود لو تتاح لي فرصة أن أسأل بعض الذين حاليا يكتبون في الصحافة أو يتحدثون فى التليفزيون وهم لا يهتمون أو يحفلون أو يرون إلا مصالح ناديهم فقط .. وياليتها مصالح حقيقية أو طبيعية .. وإنما كل شىء بات زائفا ومفتعلا .. والأخطر من هؤلاء هم الذين يكتبون على المواقع الإليكترونية .. الذين بقصد أو بدون قصد يشعلون طول الوقت نيران تلك الحرب الأهلية المقبلة .. أو حرب الشوارع بين الأهلي والزمالك قبل مباراة القمة المقبلة.
والمثير في الأمر أن هؤلاء وتعليقاتهم الصاخبة والغاضبة دوما .. يعيشون تناقضات لا أول لها ولا آخر دون أن ينتبهوا إليها .. يسخرون من الحزب الوطنى وقادته الذين يتهمون كل من يخالفهم في الرأي بالتآمر والعمالة والفساد.
حتى وبعضهم بدأ الآن يخطط لفصول جديدة من حرب شوارع ستنشب فى القاهرة والإسكندرية قبل مباراة القمة المقبلة فى أخر يوم فى السنة،
بينما يصبح هؤلاء تماما مثل قادة الحزب الوطنى حين يقرأون أو يسمعون شيئا عن خطأ أو مشكلة تخص ناديهم .. نفس الاتهامات ونفس تسطيح كل الأمور والقضايا .. أصحاب التعليقات على الإنترنت ضاقوا بأهل السياسة الحاكمة ودولتها وحكومتها وحزبها .. ضاقوا بأنه لم يعد هناك إصلاح لأنه لم يعد هناك من يقبل الاعتراف بأى خطأ كخطوة أولى لإصلاحه.
ضاقوا بأنه لم يعد هناك أى حوار فى بلدنا بين الحكام والمحكومين .. ثم لا يكتشف أصحاب التعليقات أبدا أنهم يمارسون طول الوقت نفس السلوك الذي يرفضونه .. يرفضون الإصلاح والحوار والتغيير .. لا يناقشون الأفكار المطروحة أمامهم وإنما يكتفون بالتفتيش فى النوايا والضمائر فقط.
وإذا كان الحزب الوطنى وحكومته ودولته ورجاله قد صنعوا بكل سياساتهم الفاشلة وقراراتهم الخاطئة وأفقهم الضيق كل ما نعيشه في مصر من أزمات ومواجع .. فمعظم هؤلاء الذين يكتبون أو يتكلمون أو يعلقون هم الذين صنعوا تلك الحرب الأهلية التي ستنشب قريبا فى شوارعنا .. وستدفع ثمنها بيوتنا ومشاعرنا ومخاوفنا.
فالذى يمارس التعصب الكروى الأعمى المكروه والمرفوض .. قد يعجب بنفسه جدا حين يبتكر عبارة ساخرة أو عارية أو مؤلمة دفاعا عن ناديه .. أو يتخيل أنه يقوم بمهمة مقدسة حين يسعى لتلطيخ النادي المنافس بالعار .. ولا يدرى أن تتابع تلك الكتابات والكلمات والتعليقات ومحاولات غرس الكراهية والحقد في النفوس .. هي التي نجحت أخيرا في إشعال نيران تلك الحرب المقبلة.
وإذا كانت حروب الماضي قد أسفرت عن كثير من الجروح والضحايا .. فإن حرب آخر يوم فى السنة .. إن لم ننتبه لها كلنا .. ونخاف منها كلنا .. قد تتسبب فى ضحايا وقتلى .. لأن الغضب الكروي بات أكثر مما يمكن احتماله والتحكم فيه .. لأن التطرف الكروي أصبح ماردا أسهمنا كلنا فى إخراجه من القمقم الذي كان محبوسا فيه .. لأن الهوس الكروي أصبح شديد الحماقة والغباء والجنون.
ثم لا يكتشف أصحاب التعليقات أبدا أنهم يمارسون طول الوقت نفس السلوك الذي يرفضونه .. يرفضون الإصلاح والحوار والتغيير .. لا يناقشون الأفكار المطروحة أمامهم وإنما يكتفون بالتفتيش فى النوايا والضمائر فقط.
وأنا لست هنا أكتب عن الأهلي والزمالك ولا أهاجم أو أدافع عن أحدهما .. بل أرفض الآن الاثنين معا إن كان حب أحدهما وكراهية الآخر سيجعل الدماء رخيصة في شوارعنا والأعراض مباحة والانتقاص من أقدار الجميع سهلا وممكنا وجائزا فى أى وقت ولكل أحد .. وأحذركم صادقا وخائفا وغاضبا من تلك الحرب التى لو سمحتوا بانفجارهم .. فأنتم الذين ستدفعون ثمنها وستعجزون لاحقا عن إيقافها وستصبحون كلكم ضحاياها.