الخميس 7 أبريل 2011
08:28 م
فلول أمن الدولة .. بقايا النظام .. أذناب الحكومة السابقة .. الثورة المضادة .. ومسميات أخري كثيرة سمعناها ونسمعها كل يوم منذ انطلاق ثورة 25 يناير في وطننا العزيز .. ومازلنا نسمع في الوقت الحاضر ولا نعرف ما يخبأه المستقبل.
كثيراً ما كنا نسمع ونتحدث عن علاقة كرة القدم بالسياسة، وكيف إنها – أي الكرة – تمكنت من تقريب الشعوب بعضها البعض .. ولنكن صرحاءً مع أنفسنا .. في وطننا العربي، مازال أمامنا الكثير والكثير لتحقيق تلك المعادلة الصعبة.
إذا عدنا للوراء أكثر من عام، وبالتحديد قبل وأثناء وبعد مباراة في كرة القدم، مباراة كانت حديث العالم أجمع، جرت أحداثها بين طرفين عربيين هما مصر والجزائر وما حدث فيها وكأنها موقعة حربية جرت علي ثلاث مراحل، هنا وهناك وفي أرض محايدة، سنري أفضل رد علي ما يحدث بين أخوة في الدم واللغة والدين.
كثيراً ما كنا نسمع ونتحدث عن علاقة كرة القدم بالسياسة، وكيف إنها – أي الكرة – تمكنت من تقريب الشعوب بعضها البعض
وجاءت بعدها أحداث مباراة الأهلي والترجي التونسي في دوري أبطال أفريقيا العام الماضي، لتكمل الصورة، وتلك كانت مقدمة لما يمكن أن يحدث في أي وقت وفي أي مكان بين عربي وعربي آخر، وهذا لا ينفي وجود أفعال شبيهة في ملاعب كثيرة في شتي أنحاء العالم.
لكن الآن، ونحن داخل غرفة الطوارئ الملحقة بمستشفى "التطهير" المصرية، جاءت اللحظة التي يجب أن تتدخل السياسة مع كرة القدم أو أي رياضة عندنا، وهو ما يجب معه أن ننحي جميع خلافاتنا جانباً - حيث العين تحدق بنا من كل صوب - بدليل ما كانت تتناقله وسائل الإعلام العالمية مجتمعة عما يحدث في مصر أثناء الثورة وبعدها.
ما أود أن أقوله، إننا بالفعل يجب أن نحيد عن معادلة الكرة والسياسة في بلدنا خاصة في هذا الوقت، ويجب ان نعطي الصورة المثلي لما نحن نتوق إليه من حرية حقيقية لا تضر بالآخر، بل تعطي هذا الآخر الأمل في غدٍ أفضل، ونحن بالفعل لها إذا غلبت لغة العقلاء.
إننا بالفعل يجب أن نحيد عن معادلة الكرة والسياسة في بلدنا خاصة في هذا الوقت، ويجب ان نعطي الصورة المثلي لما نحن نتوق إليه
لن أطيل الحديث عن "كارثة" استاد القاهرة والموقعة التي جرت علي أرضيتها التي كانت جميلة يوم مباراة الزمالك والأفريقي التونسي، ولكنني فقط أريد أن أوضح أن ما حدث ما هو إلا مجرد انسياق لبعض العقول التي أرادت ألا تهدأ هذه الجميلة – مصر - وتنهض من فراش المرض داخل عنبر مستشفى "التطهير".
ما حدث هناك لم يكن من قبيل المصادفة أو التخطيط لهذا الأمر، بل إنه حدث بسبب وجود عقول مرضت بفعل فاعل، وتخيلوا أن كثيرين ممن اخترقوا الحواجز الي أرضية الملعب لم يكن لهم أي ذنب سوي أنهم عاشوا واعتادوا علي أن تقودهم كلمة وأن توقفهم كلمة.
إذاً الأمر ليس فلول أمن دولة أو بقايا نظام أو ثورة مضادة وما إلي ذلك فحسب، ولكنه يعود علي الفكر المندفع الذي غلفته لغة الانتقام من كل ما هو جميل، وأصبحت تسيطر عليه رياح تمحو معها كل ما تبقي من حكمة واتزان في التفكير قبل اتخاذ أي خطوة.
الجهل والفقر وقلة الحيلة التي استشرت في أجساد الكم الأكبر من حاملي هوية هذا البلد، هم السبب فيما جري علي أرض استاد القاهرة
الجهل والفقر وقلة الحيلة التي استشرت في أجساد الكم الأكبر من حاملي هوية هذا البلد، هم السبب فيما جري علي أرض استاد القاهرة، فمهما قال لك فلان أو حرضك غيره علي فعل لا يليق أو يرضي الغير، يجب وقتها أن يحكمك صوت عقلك قبل صوت يديك ومطرقتك، حتي لا تكون مصراً علي الاستمرار في الانسياق وراء إناس لا يريدون لك النجاح .. وإلا .. أين عقلك من كل هذا؟!
شباب ماتوا وضحوا بأرواحهم من أجل هذا البلد، ومن أجل أن تعيش أنت وأنا وغيرنا ومن يأتي من بعدنا، شباب ذهبوا حاملين أكفانهم علي أياديهم حتي تأتي هديتهم لكل من يحمل جنسية "مصري" حق الحياة الكريمة الآدمية، يريد أن يموت ليحيا أولاده وأحفاده في بلد يفخر بها الجميع.
ليس مقبولاً أن يكون مقابل ما قدمه هذا الشباب ومن مات منهم من أجلك، أن تسقي الأرض بدمائهم، في الوقت الذى تتفنن أنت في السرقة والتخريب والقتل وتدعيم حالة الفوضى التي تعم البلد كلما هدأت .. ليست أيضاً الفلول والثورة المضادة .. بل اسأل نفسك أين عقلك قبل فعلك!
ليس مقبولاً أن يكون مقابل ما قدمه هذا الشباب ومن مات منهم من أجلك، أن تسقي الأرض بدمائهم، في الوقت الذى تتفنن أنت في السرقة والتخريب
هل فرحتك ستكتمل عندما تسمع من ظلمك وأكل عيشك وشرد أطفالك وأهلك وجعلك لا تساوي في سوق البشر بضعة قروش، تسمعه يقول للعالم الذي بدأ يحترمك وأعجب بما بنيته "شاهدوا .. هؤلاء من ينادون بالحرية والديمقراطية .. لا يغلب عليهم سوي الهمجية" .. فتدك جميع ما بنيته وتسويه بالأرض يوماً بعد الآخر .. بيديك.
الوطن تمته الدموع وتحييه الدماء، وشهداء مصر قدموا دمائهم ليحيا الوطن، وليكن الوطن عزيزاً على كل القلوب الحسنة، وجميل أن يموت الإنسان من أجل وطنه، ولكن الأجمل أن يحيا من أجل هذا الوطن، فالجائع لا يمكن أن يخلص لوطنه .. فهل تريد أن تظل جائعاً؟!