الأربعاء 1 نوفمبر 2017
07:32 م
اكتوبر 1973 تنتصر مصر فيها علي العدو الإسرائيلي ..في الوقت الذي يتغير فيه المزاج العام من أغاني عبدالحليم حافظ وأم كلثوم يظهر صوتا مغايرا يحاول تقديم لونا مختلفا حاول الناس الهروب إليه لتخفيف وطأة الحرب ( أحمد عدوية )
في نفس الوقت الذي كان الجميع يكاد يتناسي كرة القدم بسبب التوقف الطويل طيلة سنوات الإستعداد للمعركة يتغير شكل اللعبة في العالم كان جورج بست يلمع في أيرلندا الشمالية وصفوف مانشستر يونايتد بأسلوب لعب مختلف عما كان معتادا من هيرست وبوبي تشارلتون ، وفي هولندا يظهر الفتي اليافع يوهان كرويف مع رينوس ميتشيلز في أياكس قبل الإنتقال لأسبانيا
في مصر كان الجميع يتجه بأنظاره نحو فاكهة الكرة المصرية علي أبوجريشة بقامته الطويلة وتحكمه في الرأس بشكل مذهل مع حسن الشاذلي الذي كان يصوب من إتجاهات مختلفة في الوقت الذي حاول فيه معلم الزمالك حسن شحاتة إيجاد أرض جديدة يضع فيها جزء من موهبته التي كادت تختفي بسبب سنوات الحرب المريرة
الزمن نفسه يتغير ولكل زمن رجاله وأشكاله ..في الوقت الذي كان الجميع يبحث عن لاعب موهوب كان هناك لاعبا عشقته الموهبة
أكتوبر 1974 ..ناندور هيديكوتي
داخل أسوار النادي الأهلي بالجزيرة جلس الفريق عبدالمحسن كامل مرتجي في غرفة إجتماعات النادي حيث لا يتواجد مكتب خاص برئيس المجلس ليلتقي بأحد نجوم المجر في جيلها الذهبي بالخمسينات ( هيديكوتي ) حيث طلب منه إعداد فريقا جديدا يعيد للأهلي رونقه الذي ظل مسيطرا علي البطولات في الخمسينات قبل أن يظهر حسن الشاذلي ومصطفي رياض في الترسانة وعزالدين يعقوب وبدوي عبدالفتاح في الأوليمبي وجيل الدراويش في الإسماعيلية بجانب الثعلب حمادة إمام وطه بصري وعمر النور في الزمالك المنافس الدائم والأبدي
هيديكوتي : أريد أن أري مباريات الناشئين ..آمل أن أحظي بموهبة أو إثنين لربما أعادا لي ذكريات اللعب مع بوشكاش بموهبته المتفردة أو يكون هدافا خارقا مثل ساندرو كوكسيس
لم يمضي وقت طويل حتي يقوم بتصعيد فريق كامل من المواهب في كل المراكز علي رأس المواهب كان هناك عبدالعزيز عبدالشافي ( زيزو ) ، أما رفيق الدرب فكان رجلا ليس عاديا فالجميع يتمني لاعبا موهوبا ولكن القدر جعل الموهبة تعشق لاعبا كي تعطي له كل أسرارها
هيديكوتي : أنت ستحتاج لمزيد من تحسين مهاراتك الفردية .تظن نفسك لاعبا ممتازا جيد ولكن حاول أن تلعب بهذه الكرة
ألقي المجري الكرة ( للمحبوب ) بيده ليفاجأ بأن الأخير يستطيع ترويض الكرة بسهولة ولكنها لم تكن كرة قدم بل كانت كرة أصغر حجما وبلون مغاير يميل إلي الأصفر ..( المحبوب ) يلعب بكرة التنس
سبعة سنوات من العمل مع الرجل القادم من شرق أوربا أثر فيها علي ( المحبوب ) فنيا وتكتيكيا وصحيا أيضا ، الرجل الذي عشقته الموهبة بات أسيرا لحقن الكورتيزون التي تغلغلت في جسده وأثرت علي صحته حتي بعد الإعتزال ولكن كل ذلك كان يهون أمام مجد الفريق الذي حلم يوما بالمرور بجانبه
( معقول هنستحمل الضغط ده لحد إمتي ) كلمات خرجت من فاه محمد لطيف والذي يقوم بالتعليق علي نهائي كأس مصر 1978 رغم أن الزمالك كان متقدما علي الأهلي 2-1 لكن دخول طاهر الشيخ بجوار ( المحبوب ) رغم إصابته الشديدة بنزلة برد وعدم قدرته علي اللعب بشكل سليم لكن ( الموهبة التي أعطته أسرارا خاصة ) جعلته يخرج من المباراة فائزا
هيديكوتي : من الأن ستصبح قائدا للفريق
المحبوب : أسف .. لا يمكن أن أتخطي من هم أقدم مني في الفريق فتلك أدبيات أحترمها
كانت شارة الفريق تعني له الكثير ولكن إحترامه ل ( صفوت عبدالحليم ) ولمن بعده أكبر من ذلك
هيديكوتي : هناك حيلة قديمة قمنا بها في المجر ..صفوت ستتبادل رقمك مع ( المحبوب ) ..بروسيا مونشنجلادباخ تعرف الكثير عن لاعبينا
بعد التعادل الإيجابي مع بطل أوربا والدوري الألماني ثلاثة سنوات متتالية يأتي عرضا أسطوريا ( للمحبوب ) للإحتراف في صفوف الفريق الألماني رغم أنه لم يسجل في المباراة ولكنها الموهبة التي ظلت متوجهة لتصبح قلوب الجماهير متعلقة دوما بأهدافه ولمساته التي لا تخظئها عين
حست شحاته لأدام ..مختار مختار ..سكون قصير ..علي خليل ..مختار مختار للخطيب ( أصوات الجماهير تعلو أو بالأدق صرخاتهم ) جووووول .. ثم يأتي صوت محمد لطيف مرة أخري وكأن الميكروفون عثر علي صوته بعد صياح كل من في ملعب ناصر الدولي ( برافو يا خطيب ..كل الدنيااااااا . ده ايه ده ..ده ايه ده ..ده ايه ده .الحمد لله .. 3-1 لمصر والجول بتاع تونس بيخلص في ثانية )
كرة نادرا أن تتكرر في مباراة في مثل هذا المستوي ولكن ( المحبوب ) توج فترة السبعينات بتلك اللقطة التي ظلت محفورة في ذهن الجميع أو بالأدق في قلوبهم
1983 ..الحريف
يدخل محمد خان بلاتوهات السينما إستعداد لتصوير فيلم يحكي عن قصة لاعبي الكرة الشراب ربما كان ذلك هو سعيد الحافي الذي رفض أن يستمر في الأهلي بسبب أن راتبه في الملعب أقل من مباريات الكرة الشراب في الشارع
في الوقت نفسه يدخل محي اراجوز( وما أدراك من هو محي أراجوز ) كدوبلير للزعيم عادل إمام ليقوم بمهارات ترويض الكرة في زوايا التصوير الضيقة والتي إستخدمها خان ليعبر عن دقة تفاصيل اللعب قبل أن يقول (الزعيم زمن اللعب خلاص )
الرهان علي مين الحريف القديم ولا الحريف الجديد ..في السينما كان ذلك السؤال ولكن في الحقيقة كان هناك حريفا واحدا
في مركز شباب القلعة يحتشد أكثر من أربعة آلاف مشجع ليشاهد لقاء بين ( المحبوب ) وبين محي أراجوز ..حريف الملاعب الكبيرة وحريف الشوارع في لقاء شهد إنهيار لجزء من المدرجات وإنتهي اللقاء (13-13 ) بين الفريقين
المحبوب لم يكن فقط ينافس الأفضل في الموهبة التي تتطلب مساحات ضيقة وفي بعض الأحيان يصبح اللعب في سنتيمترات فقط ولكنها كرات التنس التي لعب بها صغيرة التي جعلته يداعبها بهدوء وبراعة كما لو كانت ملتصقة به
فرانس فوتبول تبرز أن ( المحبوب ) أصبح أحسن لاعب في أفريقيا حصد 98 صوتا متفوقا علي أوبوكو منافسه في أشانتي كوتوكو في وقت كان ( المحبوب ) يقود الفريق لسبعة نهائيات أفريقية متتالية ليحرز منهم ستة في زمن كان فيه أغلب الأفارقة المتميزين موجودين داخل القارة ..يكفي أن تري قائمة أفضل عشرة لاعبين في تلك السنة لتعرف أن تسعة منهم يلعبون داخل القارة ( رافيو نجم توجو –توفيلي ابيجا من كانون ياوندي – انطوان بل وناصر محمد علي ورزاق من المقاولون العرب – مصطفي حديوي من الرجاء –ثم أخيرا رابح ماجير في ريسنج بفرنسا )
( المحبوب ) وصل لشىء لم يعرفه احد وقتها ..فشركة مركو فيديو قررت أن تعلن في شوارع مصر بأنها تفخر بأن تقدم الحدث الكبير
الخطيب ملك الكرة ..اوائل مارس علي شريط فيديو كاسيت في سيناريو قدمه إبراهيم حجازي وعلق عليه محمود سلطان بموسيقي لدكتور جمال سلامة وإخراج لفهمي عبدالحميد
كل هذه الفرحة المختلطة بالدموع تتحول إلي أوجاع حقيقية وهي تستمع لحسين مدكور ومن قبله صلاح حسني مدير الكرة في الأهلي عندما يناشدا الدكتور شوقي كمال والاستاذ الدكتور محمد الاسود بالتوجه لمستشفي المقاولون العرب فقد عاودت الإصابة اللعينة ( المحبوب ) أثناء لقاء الأهلي وأحد الأندية العربية
ثم إصابة أخري في عظام الوجه أمام المحلة في الدوري ..بعين متورمة تماما يواجه ( المحبوب ) الصحافة في الوقت الذي عصف الكورتيزون بجسده نتيجة تضحيته الدائمة من أجل إعادة كتابة التاريخ لناديه في فترة 15 عاما جعل فيها للفريق إسما أفريقيا وعالميا
بأصوات حزينة تقوم بعزائه في وفاة والدته بالنداء ( بييييبووووو – بييييبووووو )بشطحات سائق النقل أبوالمعاطي الذي قام بإصطحاب أتوبيس كامل للإطمئنان عليه في منزل صديقه ، بميدالية ذهب صنعها له زملائه بعد فوزه كأفضل لاعب في أفريقيا ، بأصوات أخري تطالبه بالإستمرار وعدم التخلي عن الملعب
وأنت تستمتع له وهو يقول ألف شكر الف شكر ..تتداخل الذاكرة لترسل إليك صورا متحركة مصحوبة بأصوات أحمد عفت ( يا سلااااااااام جول عظيم جول جميل جميل جميل مش معقول الجول ده ..الخطيب جاب جان متجبش من سنين ) ثم تقفز للماضي لتستعيد صوت محمد لطيف ( كل الدنياااااا) ثم تعود خاطفا لميمي الشربيني ( واحمد روكسون –يا سلام يا خطيب ..كرة حلوة حلوة ..مفيش كلام ..صاروخ ..الخطيب ..محمود الخطيب مع أصوات الجماهير التي تصيبك بالقشعريرة )
**
2017
صوت : لازلت تكتب ؟
الكاتب : نعم في كل عام أجد الكثير مما أريد الحديث عنه عن ( المحبوب ) الذي عشقته الموهبة فأنا أعيش معه كل يوم حتي لو لم ألتقيه نادرا ولكن أغنيته لا تفارق هاتفي وكلما نظرت في حسابي الشخصي علي مواقع التواصل الإجتماعي أنظر إلي أهدافه التي تزين غلاف صفحتي
ولما لا فالجميع كان يبحث عن لاعبا موهوبا ولكننا وجدنا رجلا عشقته الموهبة
للتواصل مع الكاتب على الفيس بووك