الأربعاء 31 يناير 2018
11:46 ص
انتهت فترة الانتقالات الشتوية، وبدأت معها حالة من الجدل بشأن حقيقة الأرقام المالية المقدَّمة للاعبين، بعد أن تمم «الزمالك» صفقة محمد عنتر من «الأسيوطي» مقابل 15 مليون جنيه، ومن بعده «الأهلي» بشراء صلاح محسن من «إنبي» مقابل ما يقرب من 35 مليون جنيه كأضخم صفقة في تاريخ الدوري المصري، وكاد المشهد الكارثي يتطور أكثر من ذلك بعدما طلب النادي البترولي 42 مليون جنيه بهدف اللعب على الحرب الدائرة بين القطبين الكبيرين، وصراعهما المتواصل على الصفقات المفترض أنَّها بارزة بين أندية الدوري المحلي، لتبقي الصدمة في المبالِغ المرصودة، التي لفتت أنظار الجميع دون استثناء.
الأرقام مزعجة ومخيفة وسط مجتمع يئن بمختلف طبقاته وشرائحه تحت وطأة غلاء المعيشة، الأمر الذي دفع الكثيرين للمطالبة بضرورة تدخل الدولة وفرض سيطرتها بحكم القانون على ما وصفوه بـ«المهزلة»، فجميع الأندية وعلى رأسها «الأهلي» و«الزمالك» تحصل على دعم سنوي من خزينة الشباب والرياضة، لكنه بالطبع لا يصل إلى أجزاء مما يرصد في صفقة واحدة، لتزداد علامات الاستفهام أكثر وأكثر حول طبيعة التمويل والصرف بهذا البزخ الذي أفسره شخصيّاً بأنَّه مال حرام وإلا ما خرج بكل هذه السهولة.
قطاعات الناشئين في «الأهلي» و«الزمالك» تعج بالموهوبين، بل تاريخيّاً لا يقف مع الفريقان إلا أبناؤهما، ومؤخراً لم تلقَ الأضواء على حسام عاشور قائد «الأهلي»؛ لأنه فضَّل التجديد في صمت وعلى بياض حبّاً واحتراماً للفانلة الحمراء، بينما على النقيض تماماً لم تفلح أي صفقة ثار حولها صخب بين الأبيض والأحمر، والنماذج محفوظة عن ظهر قلب، ولمَن يمتلك ذاكرة فنية قوية يعرف أن ما قدمه رضا عبد العال مع «الأهلي» أقل بكثير مما كان يبذله مع «الزمالك»، بعد أن سجَّل أول قضية جماهيرية في هذا الشأن بانتقاله العام 1993 مقابل 650 ألف جنيه، وهو الرقم الذي قلب الدينا ولم يقعدها وقتها.
الكل «أهلاوي - وزملكاوي» أخذ يسترجع شكل ووزن مسابقة الدوري المحلي أملاً في إيجاد مبرر- قد يكون غائباً عن الوعي- لهذه الأرقام غير المنطقية بالمرة، وتأكد بما لا يدع مجالاً للشك أن ما تم ذكره مبالغٌ فيه وبشدة ولا يتناسب مع حجم العطاء في الملعب، بل هناك مَن لم يسمع عن عنتر ومحسن إلا بعد الضجة الإعلامية المثارة حول القيمة المالية المرصودة لهما، والأخطر من ذلك كله أنهما غير دوليين، ومؤكد لم يظهرا على الساحة الفنية بقوة في الأيام الماضية، وإلا كان لمدرب المنتخب هيكتور كوبر خيار آخر، فضلاً عن تواضع مسابقة الدوري هذا الموسم ومن ثم عدم قدرتها على تقديم مواهب حقيقة؛ بسبب غياب المنافس، فـ«الأهلي» يغرد وسيغرد منفرداً.
إذا كان ما تم دفعه لعنتر ومحسن بهذا الشكل وهما في عتاد الهواة، فكم يساوي تجديد التعاقد مع النجمين الدوليين الكبيرين عبد الله السعيد وأحمد فتحي، وهما من صانعي الفرحة في «الأهلي» ومنتخب مصر، فقد حققا إنجازات يصعب على لاعب تكرارها، ورغم ذلك يصدر لهما فرمان خاص بوضع سقف التجديد عند 12 مليون جنيه في الموسمين، الأمر الذي عرقل توقيعهما كثيراً وسط أنباء متطايرة بين الحين والآخر عن عروض مختلفة من الأندية السعودية التي فتحت أبوابها مؤخراً لما يزيد على عدد قوام فريق بالكامل من المصريين آخرهم إعارة ثلاثي «الأهلي» صالح جمعة وعمرو بركات وحسين السيد، إلى «الفيصلي» و«الشباب» و«الاتفاق» على الترتيب، وهو مؤشرٌ خطيرٌ قد ندفع ثمنه غالياً في القريب العاجل.
ما حدث ما هو إلا نتاج لعب سماسرة ووكلاء يجيدون فن الوقيعة بين قلعتين فشلتا في صناعة منافسة حقيقية على بطولة الدوري، وتحديداً «الزمالك» الذي فضَّل أن ينافس «الأهلي» على لقب الأغلى سعراً بدلاً من الثلاث نقاط، التي خرج من دائرتها مبكراً على خلفية فشل إداري ذريع وواضح للجميع، والأخطر غياب دور الرقابة من اتحاد الكرة وعدم تنفيذ رئيسه هاني أبوريدة وعوده السابقة قبل توليه المسئولية بتكوين لجنة الأندية التي تم تجميد فكرتها مؤخًرا لنهاية الموسم للمرة المليون، وكأن اتحاد الكرة يرفض ظهورها على الساحة لما تمثله من أهمية فنية كونها المنوطة بتنظيم وإدارة المسابقات المحلية ومن تحت عباءتها ستخرج إلى النور بورصة اللاعبين التي تحدِّد وتربط الأسعار بالقيمة الفنية لكل لاعب، لنبقي جميعاً في نفس الدائرة دون جديد.