الأربعاء 21 فبراير 2018
05:21 م
تتلاشى دوائر الشك عندي في حصول الأهلي على بطولة الدوري المصري الموسم الجاري، ليقتنص لقبه الـ40 محلياً في تاريخه، دون مشقة أو عناء في المنافسة، لذا لا تندهش عندما تعلم أن الخطة الموضوعة حالياً داخل القلعة الحمراء تتمحور حول المطالبة بحسم اللقب مبكراً بهدف التفرغ التام للمعترك الأفريقي والتركيز عليه كهدف أسمى ورئيسي في الفترة المقبلة، بعد أن أخفق «الشياطين الحمر» في نيل لقب دوري الأبطال الأخير بالخسارة أمام الوداد البيضاوي المغربي.
لو حضر أجنبي إلى مصر للسؤال عن طبيعة كرة القدم في البلاد- وهو ما سيحدث قريباً بالفعل لإعداد أفلام وثائقية عن الدول المتأهلة إلى كأس العالم المقبلة في روسيا- وعرف أنَّ الأهلي جمع 39 لقباً، بفارق 27 لقبًا عن أقرب منافسيه الزمالك الذى حقق البطولة 12 مرة، سيشك أن الأهلي صنع الفارق الشاسع هذا عبر الفجوة الزمنية- على غرار أفلام الخيال العلمي- فالفارق رهيب، ولا يكاد يصل إلى نسبة الثلث، الأمر الذى يعكس معطيات كثيرة أهمها أن المنافسة لم تعد موجودة بالأساس، حتى لو حصد الزمالك أو الإسماعيلي اللقب ذات مرة، فمؤكد أنه استثناء وغفوة من البطل.
كنا نمنى النفس بمنافسة قوية وحقيقية تنعش آمال واختيارات المنتخبات الوطنية المختلفة في هذه المرحلة، بدلاً من الانفراد بالقمة منذ بداية المسابقة، وهذا ليس عيباً في الأهلي فهو يسير بخطى ثابتة، ويعرف كيف يتعامل ويحقق أهدافه بقوة، لكن الخطأ كل الخطأ واقعٌ على منافسين ضعفاء استسلموا مع أول حلقة ارتباك أو خسارة نقطة هنا وأخرى هناك، ليبقى الفارق في الإدارة، فالأهلي تعرَّض لكبوة بالخسارة أمام المقاصة في 10 ديسمبر من العام الماضي (2/3) ثم تعادل أمام طنطا بهدف في الأسبوع الـ13، وتعادل مماثل أمام وادى دجلة في الأسبوع الـ15، وكان قد بدأ المسابقة بنفس التعادل أمام طلائع الجيش، وهو ما ظنه أعداء النجاح بداية النهاية لمسيرة بطل، خصوصاً أنَّ تلك الفترة شهدت تخبطًا أفريقيًا أيضًا انتهى بخسارة اللقب، إلا أن الفارق هنا يكمن في إدارة المنظومة التي تمكنت من إحداث حالة فوقان سريعة.
الأهلي هو الرافد الأساسي، ويكاد يكون الوحيد للمنتخبات الوطنية بعد المحترفين، خصوصًا لدى الأرجنتيني هيكتور كوبر، وما يصنعه من حالة تفرد تام بالقيادة تتطابق مع كبرى دوريات العالم، وتحديداً المتأهلة إلى المونديال، فمن الظواهر الغريبة أن المنافسة تكاد تكون منعدمة في الدوري الإسباني «الليجا» بعد أن خطف برشلونة القمة، وابتعاد ريال مدريد لمشاكل فنية وإدارية نتجت بعد خسارته أمام البارسا بثلاثية نظيفة، وعلى الرغم من تصدر الفريق «الكتالوني» بفارق مريح عن أقرب ملاحقيه أتلتيكو مدريد، إلا أن منحنى الأداء يبدو في هبوط خلال آخر مواجهاته وهو ما كان واضحاً في سقوطه في فخ التعادل لمباراتين متتاليتين أمام إسبانيول ثم خيتافي، قبل أن يحقق فوزاً بشق الأنفس بهدفين خارج القواعد على إيبار، وهى ضريبة غياب المنافس الحقيقي.
نفس الأمر في الدوري الإنجليزي ينفرد مانشستر سيتي بقمة «البريميرليج» بفارق مريح عن أقرب منافسيه مانشستر يونايتد، كذلك بايرن ميونخ يغرد منفرداً في «بوندسليجا»، وباريس سان جيرمان في فرنسا، ظاهرة تستحق التوقف عندها، خصوصاً أنها تضرب دوريات الدول الكبرى المنتظر توهجها في مونديال روسيا، وكأن لعنة كأس العالم أصابت الكبار، إما لقصر نفس بعض الأندية، أو لمشاكل إدارية عرقلت المسيرة، أو هروب التركيز، لكن أياً كانت الأسباب المختلفة، يظل الأهلي كعادته منفرداً في كل موسم وأي موسم سواء كنا في المحفل العالمي أو غائبين، ليبقى دوماً درعاً وسيفا للكرة المصرية.