الأربعاء 7 مارس 2018
06:15 م
من الطبيعي ألا تتوافر حاليًّا معلومات دقيقة على أرض الواقع، بالنسبة لشكل ومكونات المنتخب الوطني في كأس العالم المقبلة، فالفترة الزمنية التي تفصلنا عن الانطلاق في 14 يونيو المقبل، ليست بالقصيرة، وقد تشهد تحولات ومفاجآت بحكم عوامل كثيرة، لكن يظل الإجماع على الهيكل الأساسي قائماً والذي يستعين به الأرجنتيني هيكتور كوبر، المدير الفني، وقت الجد، إلا أن هناك وجوهًا بات استمرار استبعادها من الساحة تمامًا، وعدم منحها أي فرصة خلال فترة من المفترض أنها تحظى بأمانة الرقابة من الجهاز الفني، أمرًا مريبًا وفيه ظلمٌ كبيرٌ.
كلمة منتخب تعني النخبة أو الصفوة، ومن الصعب استبعاد اسم وليد سليمان من بين هؤلاء، فهو يستحق التواجد لما يقدمه من مردود فني رائع، يقود من خلاله فريق بحجم ووزن الأهلي لنتائج مميزة، الأصعب أنه لا يُمنَح ولو فرصة تمهيدية طوال الفترة الماضية، وحتى فيما هو قادم على الأقل خلال أول معسكر للفريق الوطني هذا العام، المقرر إقامته في سويسرا بين 19 و27 مارس الجاري، ويشهد المعسكر مواجهتي البرتغال 23 ثم اليونان 27 من نفس الشهر.
وليد سليمان يستحق التواجد، فهو صاحب أداء فني راقٍ، ومن نفس سن عبد الله السعيد تقريبًا (34 عامًا)، والأخير يعد من ركائز كوبر، إذن عامل السن ليس عائقًا لاستمرار الاستبعاد، يساعد على ذلك امتلاكه قدرات فنية رائعة منها الرؤية التكتيكية داخل الملعب والقدرة على بناء وتنظيم الهجمات، فهو من القلائل الذين يتعاملون بمهارة فائقة بالقدم اليسرى في الدوري المصري.
أيضًا يجيد اللعب تحت ضغط بحكم مغامراته مع الأهلي، والمرور وسط منافسيه بسهولة ويسر، فضلاً عن احتفاظه بحساسية التهديف والتصويب من خارج منطقة الـ18، وهو ما يفيد في الضربات الحرة، وكم من مباريات عصيبة فك شفرتها بهذه الطريقة، فهو صاحب خبرة واسعة في التعامل مع أصعب مربع لعمليات الهجوم، وهي لا تهدى إلا لمَن امتلك عقلاً كرويًّا.
المواهب تلعب كرة القدم بعقلها قبل أقدامها، وتحظى بهبات من الله لا تتوافر للكثيرين، وإذا كان كوبر يفكر في مصلحته، فعليه أن يذيل الخلافات القائمة بين أعضاء جهازه المعاون ولاعبين كُثر من بينهم وليد سليمان، الذي قد يكون بديلاً استراتيجيًّا فارقًا للبطل محمد صلاح جناح "ليفربول" في وقت ما مستقبلاً.
الجدير بالانتباه أن خلافات كوبر، أو معاونيه، تركزت مع اللاعبين أصحاب المهارات العالية خلال السنوات الأخيرة، لذا أتذكر بخلاف وليد سليمان هناك حسام غالي وعماد متعب، رغم ظروف كل لاعب على حدة، إلا أنها ظاهرة تدعو للوقوف أمامها، وغالبًا ما يكون السبب اللاعب المهاري نفسه الأكثر إحساسًا من غيره بذاته، ربما نتيجة توقف عقل اللعب عنده، وهو ما يتسبب أحيانًا في إصدار تصرفات لا يقبلها كوبر، بالضبط كما حدث من غالي في أزمته مع المدرب العام، أسامة نبيه، الذي يراه الكثيرون سببًا رئيسيًّا في استبعاد النجوم، وتحديدًا الأهلاوية.
وجود وليد سليمان في المنتخب فيه إرساء لمبدأ الشفافية وتطبيق العدالة بين اللاعبين، بدلاً من التفرقة في المعاملة، ومؤخرًا وعلى النقيض تمامًا حصل زميله مهاجم الأهلي الدولي العائد من الإصابة لمدة عام كامل، مروان محسن، على رسائل تطمينية بالترحيب به في أي وقت، إذا ما عاد إلى سابق عهده كونه لاعبًا مهمًّا في صفوف الفريق الوطني، ويملك تناغمًا مع زملائه وأعضاء الجهاز الفني، وكوبر يفضل نوعيته المتزنة نفسيًّا وفنيًّا.
كلها عناصر كانت ومازالت تتوافر في مروان الذي يتحسس طريق العودة دون أن ينقصه إلا العنصر البدني الذي أبعده بسبب طول فترة الإصابة قبل أن يخطر الجميع بعودته في مباراة الأهلي أمام الداخلية بالدوري المحلي في الأسبوع الـ27 ويسجل هدفًا ويصنع الآخر في وقت قصير بعد أن أشركه مدربه حسام البدري في أحداث الشوط الثاني ليحدث الفارق الفني ويحوِّل النتيجة إلى فوز بثلاثية نظيفة، ويؤكد ذلك بهدفه الأول ليفتتح رباعية الأهلي في مرمى "مونانا" الجابوني بدوري الأبطال.
ما فعله مروان محسن زرع الأمل في نفوس أعضاء الجهاز الفني بالعثور على ضالتهم، كوبر مازال يبحث عن مهاجم قوي قبل الذهاب إلى المونديال، وجارٍ البحث؛ بهدف عدم التعرُّض لأزمة فنية كما تعرَّض لها في الأمم الأفريقية الأخيرة بالجابون، عندما أُصيب مروان بقطع في الرباط الصليبي، واُضطر كوبر لخوض باقي المباريات دون مهاجم صريح بعد إصابة أحمد حسن "كوكا" ليشرك عمر وردة في غير مركزه مهاجمًا في النهائي أمام الكاميرون.
تألق مروان يضمن له دخول الحسابات على الأقل في آخر معسكر بشهري مايو ويونيو المقبلين، الذي يشهد إقامة مباراة وديه أمام منتخب بلجيكا على أرضها، بينما مهما يفعل سليمان وآخرون يبقى الوضع كما هو عليه.. مجرد ملاحظة.