أسباب عديدة رسمت السيناريو الكارثي الذي عاشه إيهاب جلال، مدرب منتخب مصر المُقال من منصبه بعد أسابيع قليلة على توليه المهمة، لعل أبرزها افتقاده للخبرة الدولية.
وبعد أن ألمح جمال علام، رئيس اتحاد الكرة المصري، قبل أيام إلى نية الاتحاد في الإطاحة بإيهاب جلال، أعلن حازم إمام، عضو المجلس، اليوم الخميس، بصورة رسمية إقالة المدرب، وبدء التفاوض مع عدة مدربين أجانب لخلافته.
وخاض إيهاب جلال، الذي تولى المهمة خلفًا للبرتغالي كارلوس كيروش أبريل الماضي، 3 مباريات فقط مع منتخب مصر، مباراتان رسميتان وودية واحدة، حيث فاز في واحدة بأداء باهت، وخسر في مناسبتين.
وبدأ إيهاب جلال مهمته مع منتخب مصر بفوز مقلق على حساب غينيا بنتيجة 1-0 في افتتاح مشوار الفراعنة في التصفيات المؤهلة لبطولة كأس أمم أفريقيا 2023، قبل يتعرض لخسارة مفاجئة على يد إثيوبيا بهدفين دون رد في الجولة الثانية، ثم خسر أمام كوريا الجنوبية بنتيجة 1-4.
وبات إيهاب جلال ثاني أسرع مدرب يرحل عن تدريب منتخب مصر عبر التاريخ، بعد أنور سلامة الذي أقيل بعد 15 يومًا عام 1999.
ونستعرض فيما يلي أبرز الأسباب التي أدت لرحيل إيهاب جلال عن تدريب منتخب مصر بهذه السرعة.
افتقاد الخبرة الدولية
تنطبق مقولة "الدولي غير الدوري" على تجربة إيهاب جلال، إذ جاءت خبرات المدرب مع أندية محلية، معظمها في بطولتي الدوري والكأس بمصر، فضلا عن تجربة قصيرة مع أهلي طرابلس الليبي عام 2018.
صحيح أن إيهاب جلال شارك مع الزمالك والمصري وبيرميدز في بطولة كأس الكونفدرالية، بطولة الأندية الثانية من حيث الأهمية في القارة السمراء، إلا أنه لم يحقق خلالها نجاحًا يُذكر.
وجرت العادة أن يقود منتخب مصر مدربون سبق لهم قيادة منتخبات سواء محليين بخبرات مع منتخبات المراحل السنية الأقل، أو أجانب قادوا منتخبات أخرى، إلا أن إيهاب جلال لم يسبق له أن تولى قيادة أي منتخب، وبالتالي لم يستطع إنجاح مغامرته الدولية الأولى مع منتخب بحجم الفراعنة.
الإصابات
واجه إيهاب جلال سوء حظ بعد أن تعرض معظم نجوم منتخب مصر لإصابات مختلفة في بداية ولايته، التي لم تدم طويلا.
ولم يخض إيهاب جلال أي مباراة من مبارياته الثلاث مع منتخب مصر بصفوف مكتملة، أو حتى شبه مكتملة، بسبب الإصابات سواء قبل بداية معسكره الوحيد، أو خلال المعسكر.
وتعرض لإصابات مختلفة عدد من النجوم، أبرزهم محمد صلاح، ومحمود حسن "تريزيجيه"، وأحمد حجازي، ومحمد الشناوي، وحمدي فتحي، ومحمد النني، وأحمد فتوح، ومحمد عبدالمنعم، وياسر إبراهيم.
كل هذه الإصابات التي ضربت معظم العناصر الأساسية أثرت على نتائج منتخب مصر، ما كان لعب دورًا في إقالة إيهاب جلال.
تراجع مستوى النجوم
بخلاف الإصابات والغيابات، ظهر عدد من نجوم منتخب مصر بأداء سيء، غير الذي ظهروا عليه في ولايتي حسام البدري وكارلوس كيروش الأخيرتين، الأمر الذي دفع ثمنه إيهاب جلال في النهاية.
فحراسة مرمى منتخب مصر لم تكن في حالتها الطبيعية، سواء بأداء ضعيف من محمد أبوجبل في أول مباراتين، أو من محمد الشناوي في المباراة الثالثة.
كذلك لم يكن خط دفاع منتخب مصر في حالته خلال المباريات الثلاث، في ظل غياب أحمد حجازي، وبدا جليًا تراجع مستوى ثنائي الزمالك محمود حمدي "الونش" ومحمود علاء، إذ شكلا ثغرة واضحة.
كما لم يظهر خطا وسط وهجوم منتخب مصر بالصورة التي ظهرا عليها في بطولة كأس أمم أفريقيا الأخيرة، أو حتى مباراتي السنغال في الدور الفاصل من التصفيات المؤهلة لبطولة كأس العالم.
كما أن محمد صلاح لم يقدم أداءه المعروف مع الفراعنة في المباراة التي لعبها أمام غينيا، حيث سجل مصطفى محمد هدفي ولاية إيهاب جلال.
غياب الدعم الجماهيري
غابت جماهير منتخب مصر عن مدرجات ستاد القاهرة في مباراة غينيا، الأمر الذي أثر بصورة كبيرة على أداء المنتخب في بداية المشوار، وبالتالي افتقد اللاعبون ثقة أنفسهم، وكذلك الجماهير.
الجماهير لم تحضر إلى ستاد القاهرة في رسالة واضحة لاستيائها بعد فشل التأهل إلى كأس العالم، وهو الأمر الذي لم يتسبب فيه إيهاب جلال، لكنه دفع ثمنه بعد تأثر الأداء وإقالته في النهاية.
صحيح أن المنتخب خاض مباراة واحدة فقط من مبارياته الثلاث مع إيهاب جلال في مصر، إلا أن المباراة الأولى كانت هي مفتاح نجاح ولاية المدرب الجديد، لكن بغياب الدعم الجماهيري ظهر الأداء مهتزًا وجاء الفوز بصعوبة بالغة، الأمر الذي ظهر تأثيره في المباراتين التاليتين.
الضغط الإعلامي
يمكن القول إن الضغط الإعلامي كان سببًا مباشرًا في إنهاء ولاية إيهاب جلال مبكرًا، فمدرب بيراميدز السابق تولى قيادة المنتخب في ظل الأصوات التي نادت بضرورة التعاقد مع مدرب أجنبي لديه الخبرة، على غرار سلفه كيروش.
الأصوات التي كانت ترى ضرورة التعاقد مع مدرب أجنبي أو على الأقل الإبقاء على كيروش، وعلى رأسها الدكتور أشرف صبحي وزير الرياضة، وجهت انتقادات قاسية لإيهاب جلال، ما ضغط على اتحاد الكرة لإقالة المدرب سريعًا لحفظ ماء وجه مسؤوليه.
كما أعطى إيهاب جلال الفرصة لمنتقديه بعدما فشل في وضع بصمته الفنية على أداء المنتخب في المباريات الثلاث، حيث ظهر الفريق مهلهلًا بلا أي فكر تكتيكي.
ولم يستطع إيهاب جلال التعامل مع الإعلام بذكاء، نظرًا لافتقاده أيضًا الخبرة اللازمة لشغل هذا المنصب، الأمر الذي ظهر في تصريح "الأراجوزات" الشهير، الذي رد به على منتقدي تعيينه.