الثلاثاء 28 يونيو 2022
08:27 م
منذ بدايات الألفية الجديدة، لم تكن الأندية البرتغالية، تمثل تهديدًا على عمالقة أوروبا، بل كانت فقط بضعة أندية صغيرة تحاول العبور من دور المجموعات بدوري الأبطال، ومن هنا بدأ التفكير في عمل ثورة فنية لمقارعة الكبار.
المخاطرة الأولى.. قام فريق بورتو باتخاذ خطوة جريئة، قد تغير كل شيء، وهي الرهان على جوزيه مورينيو، الذي لم يكن اسمًا كبيرًا في كرة القدم آنذاك، ليكون قائدًا للثورة التكتيكية التي قد تحول مسار التاريخ إلى الاتجاه المعاكس.
نتاج الثورة لم يتأخر كثيرًا، فبعد أن فرض اسمه على الملاعب البرتغالية، قرر التحرك لتحرير الفكر التكتيكي بأوروبا، ونجح في الفوز على المدرب المخضرم، السير أليكس فيرجسون، ليتوج بطلًا للقارة العجوز وسط ذهول العالم أجمع بنجاح تلك التجربة البرتغالية الغير متوقعة.
السيطرة على أوروبا لم يكن دون تخطيط جيد من المدرب نفسه، الذي أضاف للعبة مفاهيم جديدة، لا تتعلق فقط بإدارة المباراة، بل بإدارة كل ما يتعلق بكرة القدم، حيث طور التكتيكات والاستراتيجيات الخططية، وأيضًا تطوير الجوانب البدنية والتقنية للاعبين، وتعليمهم أساسيات كرة القدم الحديثة.
وبالتدقيق أكثر في فلسفة مورينيو، نجد أنه أسس مدرسة كروية تعتمد كليًا على مواقف اللعبة، وكيف تجعل جميع الخطوط مترابطة باستراتيجيات محددة، بتعليم دروس جديدة وخاصة لاستكشاف فكرة اللعبة الأساسية، وذلك عن طريق الاستعداد الذهني لأي موقف غير عادي داخل المباراة، وكيفية الخروج منه بطريقة محسوبة، ولا تعتمد فقط على مهارة اللاعب في الخروج بالكرة، بل كيف تجعل الفريق بالكامل يساعد حامل الكرة على حل هذا الموقف.
بحسابات دقيقة جدًا، نجح مورينيو في ابتكار طريقة "الحافلة المتوقفة" التي تجعل الفريق بالكامل كلاعب واحد، بعد استخلاص الكرة، يتحول في لحظة من موقفه الدفاعي، إلى موقف هجومي يجعلك تواجه المرمى مباشرة.
كيف تقوم باستكشاف المساحة ببراعة؟ وكيف تتخلص من الضغط الهجومي للمنافس؟ الاجابة التي طبقها مورينيو، هي عن طريق التكتل، ثم تفكيك عنصر "فتيل الديناميت" الذي ينطلق في المساحات التي يتركها المنافس خلفه بعد ان اضطر الى الهجوم بكل خطوطه وتقديم خط دفاعه إلى شريط منتصف الملعب، الذي يتحول فجأة إلى حبل المشنقة الذي يلتف حول عنق المنافس.
هذه الاجابات والمفاهيم الجديدة، جعلت تجربة الـ"سبيشل وان"، تجربة ثورية لا مثيل لها، وبدأت المدرسة البرتغالية في فتح أبوابها للمتعلمين الجدد، ليس من الضروري أن تكون لاعب كرة قدم محترف، أو هاوي، بل ليس من الضروري أن تكون قد مارست اللعبة من الأساس، ذلك الحجر الثابت، قد تم دفنه في الأرض التي بنيّ فوقها جدران المدرسة الجديدة.
تلاميذ هذه المدرسة، هم مجموعة ممن جعلوا الساحرة المستديرة، مجرد شيء يخضع للحسابات المدروسة، ثم سلبوا السحر من أقدام موهوبي القارة اللاتينية، وأفقدوهم قدرتهم على اخضاع اللعبة لعالم المهارة، وجعلت نهائيات كأس العالم مسابقة مدرسية بين المنتخبات الأوروبية، التي سيطرت على منصة التتويج بالبطولة الأقوى في كرة القدم.
المخاطرة الثانية.. شهدنا بعدها تطوير اللعبة أكثر فأكثر، حيث ظهر مفهوم الـ"تيكي تاكا" الذي أدخل اللاعب الموهوب ضمن منظومة الحسابات المتقنة، ليتم فتح بوابة الدمج بين العالمين، الموهبة والحسابات المتقنة، لتتغير كرة القدم التي شهدنا قبل الألفية، إلى العالم الأكثر تعقيدًا في هذا الكون، والذي خرج تمامًا عن حدود التوقع.
إذًا، فإن تلاميذ المدرسة البرتغالية، كانوا سببًا في تحويل مسار كرة القدم في العالم، وأصبحوا الآن أساتذة في عالم التدريب، فمنهم من يقوم بعمل دورات تدريبية لصفوة المديرين الفنيين، ومن بينهم خورخي خيسوس وفيلاش بواش وليوناردو جارديم، الذين تحولت لمساتهم مع الفرق التي دربوها إلى مناهج تعليمية للمدربين الجدد.
وكان الأهلي قد تعاقد مع آخر خريجي المدرسة البرتغالية، وهو ريكاردو سورايش، الذي لم يكن لاعبًا أو حتى مدربًا كبيرًا، لكنه طبق الدرس الأول بنجاح وجذب بإنجازه الأول، أنظار برازيل أوروبا الذين اعتبروه التلميذ الأنبل هذا العام، بحسب التقارير البرتغالية التي أشادت بدور المدرب الكبير في تطوير فريقه ووضعه بين الخمسة الكبار في بلاد الملاحين.