الأربعاء 24 يناير 2024
11:18 م
بينما يشغل محبو كرة القدم في الشرق الأوسط وأفريقيا بمتابعة كأسي أفريقيا وآسيا للأمم وسط أجواء مثيرة ورياضية جميلة، صعق الوسط الكروي الأوروبي بحوادث عنصرية بغيضة جعلت الاتحاد الدولي لكرة القدم بقيادة جان إنفانتينو يتنفض مجددا من أجل محاربتها.
ففي إيطاليا واجه مايك ماينان، حارس مرمى نادي ميلان، لحظات قاسية للغاية عندما اضطر لسماع عبارات عنصرية مسيئة من قبل بعض من المنتمين لنادي أودينيزي في المباراة التي جمعت الفريقين في الدوري على ملعب الأخير، الأمر الذي أجبره على مغادرة الملعب.
ولم يسلم لاعب نادي كوفنتري، كاسي بالمر، من الأمر ذاته خلال مباراة فريقه امام شيفيلد وينزداي في الدرجة الأولى الإنجليزية بعد أن أطلقت جماهير الأخير عبارات عنصرية ضده.
أكاد أكون متأكدا بنسبة 100% أن أي قارئ لهذه السطور ونحن في عام 2024 قد أصابه الملل من الحديث عن أحداث العنصرية، وإن الوقت قد حان للقضاء نهائيا عليها، فالتنافس الرياضي لا يمكن أن يتحمل أي مساحة للعنصرية البغيضة داخله.
المثير فعلا للسخرية والشفقة أن من يستخدم العباراة العنصرية ويظن أنها وسيلة لنرفزة لاعبي الخصوم أو إخراجهم عن تركيزهم ما هو إلا إنسان مريض فعليا، ولا علاقة له بالرياضة أو التنافس الشريف.
وحسنا فعل إنفانتينو بفتحه هذه القضية مجددا ومطالبته كل عناصر اللعبة بمحاربة أي شخص يحاول أن يقحم العنصرية داخل ملاعب كرة القدم سواء بالمنع نهائيا من دخول الملاعب أو بتكببيد أندية هؤلاء المشجعين الخسائر تلو الآخر، حتى يأتي الوقت الذي ربما يتسبب فيه المشجعين العنصريين من رؤية أنديتهم تهبط إلى الدرجات الأدنى بسبب تصرفاتهم الدنئية.
وواقعيا، لن يستطع إنفانتينو بمفرده خوض هذه الحرب الشعواء، فكل عناصر اللعبة مطالبة بالتضامن مع الفيفا من أجل وضع حد لمثل هذه التصرفات بدء من الاتحادات الاقليمية مرورا بالاتحادات المحلية ووصولا إلى الأندية نفسها.
على كل هذه الفئات سن القوانين الرادعة ووضع الجزاءات الغليظة سواء على الأندية أو الجماهير التي قد تشارك في مثل هذه التصرفات، ومع توالي التركيز الإعلامي على أخبار محاربة هذه التصرفات، سنبدأ في جني ثمار وقف العنصرية شيئا فشيئ.
وسائل الإعلام أيضا مطالبة بالمشاركة في هذه الحرب طويلة الأجل، فالقلم يمكنه مقت كل أنواع العنصرية ومحاربتها، كما يمكنه توجيه النصائح للجماهير المختلفة بضرورة الابتعاد التام عن الألفاظ والهتافات المسيئة.
ولكن الأمر ليس بالهين، لأنه سيتطلب استمرارية من جميع الجهات في التركيز على مثل هذه الأحداث، وعدم السماح بمرور أي واقعة بدون عقاب، حتى يدرك ويؤمن أي شخص يستخدم العبارات العنصرية داخل ملاعب كرة القدم أنه سيحاسب على فعلته اجلا او عاجلا.
لنتعاون ولنتحد جميعا مع إنفانتينو في محاربة العنصرية، لنعلم الناشيئن والشباب الصغير أن العنصرية ليس لها أي مساحة داخل ملاعب كرة القدم، وليعلم الجميع أن التمييز بين البشر أمر بغيض ولا ينتمي للرياضة ولا لكرة القدم بأي شكل من الأشكال.