أفسدت كل شيء بين طوكيو وباريس.. اتحادات لا يجب أن تنتظر الانتخابات لتبتعد عن الرياضة المصرية للأبد

عشرات المنعطفات الخطيرة عطلت سير الرياضيين المصريين في طريقهم الذي استغرق 3 سنوات من العاصمة اليابانية طوكيو إلى الفرنسية باريس، بعد أن أساءت بعض اتحادات الألعاب الفردية والجماعية على حد سواء، استخدام السلطة، تارة عن قصد وعمد، لشبهة فسادها -مثبت في بيانات رسمية- وأحيانًا أخرى برعونة واستهتار، لجهلها البيّن -على حد قول الرياضيين أنفسهم- بجرم قراراتها وما يترتب عليها أيضًا.

وحققت الرياضة المصرية خلال مشاركتها في أولمبياد طوكيو قبل 3 سنوات، أكبر عدد من الميداليات في دورة واحدة، تاريخيًا، برصيد ست ميداليات، واحدة ذهبية، أخرى فضية وأربعة من اللون البرونزي.

الوصول إلى القمة في صيف 2021 احتاج بالتأكيد إلى عمل جاد واستثنائي ليتحقق، سواءً كان ذلك بفضل مجهودات الرياضيين المصريين فرديًا أو بعد عمل جماعي مشترك بين اللاعبين والمسؤولين في وقت واحد.

كان على الرياضة المصرية، بعد طوكيو، أن تسعى إلى التطور والتقدم أكثر فأكثر نحو الوصول إلى قمة جديدة في أولمبياد باريس 2024، وهي مهمة منوط بها مجلس الإدارة في كل اتحاد رياضي، جنبًا إلى جنب مع اللاعبين، وكذلك الجماهير.

ولم يتعرف المصريون بعد إلى مدى النجاح -نأمل أن يفوق توقعاتنا- الذي ستصل إليه البعثة الرياضية في أولمبياد باريس 2024، لكن الجماهير شأنها شأننا قرأت العنوان، ليبدو الجواب بالنسبة لها ولنا متوقعًا دون قراءة ما جاء فيه، من الأساس.

تنس الطاولة.. هل أسأتم فهم الرسالة حقا؟

ليس متوقعًا أبدًا أن تحقق تنس الطاولة المصرية أي ميدالية أولمبية، لأنها رياضة تتقنها شعوب أخرى أكثر منا، ولا بأس في ذلك، لكن ما وصل إليه اللاعب عمر عصر في طوكيو كان مذهلًا بعد احتلاله المركز الخامس، ما كان يستحق أن يبني عليه الاتحاد المحلي من أجل الفوز بميدالية في باريس 2024، حتى لو انتهى ذلك بإحباط جديد، فشرف المحاولة كثيرًا ما يكفي.

واشتكى عمر عصر على مدار سنوات ثلاث من إهمال اتحاد تنس الطاولة له، موضحًا إقامة معسكرات تدريبية متباعدة زمنيًا، إذ أقيم آخر معسكر قبل التأهل إلى أولمبياد باريس 2024 بسنة، والمفاجأة أن المدربين لم يحضروا إليه من الأساس، ليتدرب اللاعبون فرديًا.

أزمات اتحاد تنس الطاولة لا حصر لها في السنوات الأخيرة، لكن ما حدث مع عمر عصر قبل بطولة بانكوك الودية، حمل خطأ إداريًا ساذجًا تحدث بشأنه اللاعب نفسه: "أردت المشاركة في البطولة لذا أرسلت بريدًا إلكترونيًا إلى الاتحاد طلبت فيه ذلك، لكن المفاجأة التي اكتشفتها لاحقًا أن الاتحاد لم يرسل اسمي إلى اللجنة المنظمة، وعندما استفسرت عن السبب قيل لي إنه ناتج عن سوء فهم (افتكرناك مش عايز تلعب)".

وأوضح عمر أن الخطأ الإداري الذي ارتكبه اتحاد تنس الطاولة لم يكن الأول من نوعه، بعدما أراد المشاركة في بطولة تركيا أكتوبر 2023 رفقة اللاعبة دينا مشرف، لكن المسؤولين لم يرسلوا اسمه أيضًا.

يشار إلى أن تنس الطاولة المصرية تشارك في أولمبياد باريس 2024 بـ8 لاعبين في الفردي والفرق والزوجي المختلط، هم عمر عصر، محمد البيلي، يوسف محمد عبد العزيز، خالد عصر (احتياطي)، دينا مشرف، هنا جودة، مريم الهضيبي، يسرا أشرف (احتياطية).

الدراجات.. الرأي العام ينتصر مجددًا

لا يمكنك أبدًا أن تقف في وجه الرأي العام عندما ينتفض غاضبًا ضد قرار ما، أمر لم يدركه اتحاد الدراجات المصرية جيدًا في واقعة جنة وشهد التي انتهت بهزيمة المسؤولين، هزيمة ساحقة.

وتعود الواقعة إلى أبريل الماضي، عندما اصطدمت شهد سعيد في سباق الجمهورية بدراجة جنة عليوة، لتسقط الأخيرة أرضًا، ما تسبب في فقدانها الذاكرة مؤقتًا مع كسر مضاعف في الترقوة.

وأوقفت شهد عن المشاركة في السباقات المحلية عامًا مع تغريمها ماليًا، بعد إثبات تعمدها إسقاط جنة عليوة، ورغم الخطأ الأخلاقي الكارثي، ظهرت اللاعبة بعد أسابيع قليلة في صورة رسمية لبعثة الدراجات المصرية المشاركة في أولمبياد باريس 2024، ما استفز دون شك، قطاعًا واسعًا من المصريين لا يعرف أغلبهم شيئًا عن تلك الرياضة من الأساس.

وأصر اتحاد الدراجات في التصريحات الرسمية الواردة على لسان رئيسه وأعضائه، إلى جانب مدرب المنتخب، على مشاركة شهد سعيد في أولمبياد باريس 2024، ما تراجع عنه لاحقًا بعد الضغط الجماهيري الذي أدى إلى تدخل وزارة الرياضة واللجنة الأولمبية، ودفع كذلك اللاعبة إلى إعلان اعتزالها مباشرة على الهواء عبر أحد البرامج التليفزيونية.

وتخوض الدراجات المصرية منافسات أولمبياد باريس 2024 بلاعب ولاعبة، هما يوسف زكي وابتسام زايد، بعد استبعاد شهد سعيد.

الفروسية.. مخالفات مالية

في ديسمبر 2023، أصدرت وزارة الشباب والرياضة بيانًا أعلنت فيه إيقاف مجلس إدارة اتحاد الفروسية، إلى جانب المدير التنفيذي والمدير المالي، حتى انتهاء التحقيقات التي تجريها النيابة العامة في وقائع المخالفات المالية التي شابت القائمين على الاتحاد.

ورد هشام حطب، رئيس مجلس اتحاد الفروسية، في بيان رسمي، برفض الإيقاف المؤقت الذي وصفته بغير الدستوري والقانوني.

وبعد سلسلة من التصريحات التي حاول خلالها هشام حطب نفي وجود أي مخالفات مالية، انتهت الأزمة بتعيين وزارة الشباب والرياضة، لجنة، يرأسها إسماعيل محمد شاكر، لإدارة اتحاد الفروسية.

جدير بالذكر أن الفروسية المصرية تظهر في أولمبياد باريس 2024 بلاعب واحد، هو الفارس نائل نصار في منافسات القفز.

المصارعة.. الهروب مستمر

لم يتوقف مسلسل هروب الرياضيين من مصر نحو بلاد أخرى، فيها تقدير مادي ومعنوي أكبر، عن إصدار حلقات جديدة، آخرها كان في مايو 2023، عندما اكتشف اتحاد المصارعة اختفاء اللاعب أحمد فؤاد بغدودة عقب حصوله على الميدالية الفضية في وزن 63 كجم، في بطولة أفريقيا.

البالغ من العمر 22 عامًا عانى بحسب ما قاله والده من التهميش، كما تعرض لضغوطات نفسية لا يتحملها بشر، ليسافر هربًا إلى فرنسا بعد أن أعد خطة محكمة، فيها ترك متعلقاته الشخصية مع البعثة، واستغل سريان تأشيرة دخوله إلى الاتحاد الأوروبي.

وأعلنت وزارة الشباب والرياضة تشكيل لجنة وزارية لبحث أزمة هروب أحمد بغدودة في تونس، كما أحال اتحاد المصارعة إلى النيابة العامة من أجل الوقوف على الظروف التي أدت إلى هروب اللاعب بهذا الشكل.

ويشارك الاتحاد المصري للمصارعة بـ11 لاعبًا في أولمبياد باريس 2024، كالتالي:

- 6 لاعبين في منافسات المصارعة الرومانية: مؤمن أحمد في وزن 60 كجم، محمد إبراهيم "كيشو" في وزن 67 كجم، محمود خالد في وزن 77 كجم، محمد مصطفى في وزن 87 كجم، محمد علي في وزن 97 كجم، عبد اللطيف محمد منيع في وزن 130 كجم.

- 4 لاعبين في منافسات المصارعة الحرة: جمال عبد الناصر في وزن 57 كجم، عمرو رضا في وزن 74 كجم، مصطفى الدرس في وزن 97 كجم، ضياء الدين كمال في وزن 125 كجم.

- لاعبة واحدة في المصارعة النسائية: ندى مدني في وزن 50 كجم.

لا يجب أن تنتظر الانتخابات لتبتعد عن الرياضة المصرية

من المنتظر أن تتم الدعوة إلى انتخاب مجلس إدارة جديد، كما جرت العادة، في كل اتحادات الألعاب الفردية والجماعية، عقب أولمبياد باريس 2024.

وعلى اتحادات تنس الطاولة، الفروسية، الدراجات والمصارعة وغيرها أيضًا، ألا تشارك في انتخاب مجلس إدارة جديد، لأن الرياضة المصرية أصبحت في حاجة ماسة إلى تغيير جذري، بعد وقوع سلسلة من الأزمات الرياضية والأخلاقية والإدارية في عهدها.