تباينت آراء الشارع المغربي حول المستوى الذي ظهر به أسود الأطلس، بعد مرور جولتين من دور المجموعات ببطولة كأس أمم أفريقيا، في ظل الرغبة الملحّة في رفع لقب الأميرة السمراء للمرة الثانية تاريخيًا.
وترتفع آمال الشعب المغربي في التتويج ببطولة كأس أمم أفريقيا، نظرًا لعدة عوامل، أبرزها استمرار القوام الرئيسي للجيل الذهبي الذي بلغ نصف نهائي كأس العالم في قطر 2022، إلى جانب استضافة المغرب للمسابقة في نسختها الخامسة والثلاثين.
وحصل منتخب المغرب، بقيادة المدرب وليد الركراكي، على الإشادة بعد الفوز في المباراة الافتتاحية أمام نظيره جزر القمر، إلا أن التعثر بالتعادل أمام مالي، أحد الفرق القوية في البطولة، أثار الشكوك حول مدى قدرة أسود الأطلس على استكمال حلم التتويج بلقب كأس الأمم الأفريقية.
وظهرت أصوات تنادي بضرورة تواجد طارق السكتيوي، المدرب المغربي الذي تُوِّج بكأس العرب قبل أيام، ليكمل ما حققه سابقًا مع الأسود من ميدالية برونزية تاريخية في أولمبياد باريس، إلى جانب حصد كأس أمم أفريقيا للمحليين.
وتحدثت نخبة من كبار الإعلاميين والصحفيين المغاربة عن منتخب أسود الأطلس وإدارته الفنية خلال الجولتين الأولى والثانية، قبل ساعات قليلة من انطلاق المواجهة الثالثة في دور المجموعات.
الأداء لم يكن مقنعًا
تحدث عادل الرحموني، رئيس رابطة الصحفيين الرياضيين ورئيس القسم الرياضي بإذاعة "ميدينا إف إم"، باستفاضة عن رأيه بخصوص المنتخب المغربي، والذي جاء على النحو التالي:
"المنتخب الوطني ظهر بصورة مقبولة إلى جيدة أمام جزر القمر من حيث النتيجة والانضباط التكتيكي، لكن الأداء لم يكن مقنعًا بالكامل، نعم كانت هناك سيطرة في وسط الميدان وفرص ضائعة كثيرة، مع بطء في التحول الهجومي، وهو ما يعكس تفوقًا نظريًا أكثر منه أداءً قويًا، وفي الختام تحقق الفوز بنتيجة (2-0)، وكان أجمل ما في المباراة الهدف الثاني بمقصية المهاجم أيوب الكعبي".
"المباراة أمام منتخب مالي كانت صعبة جدًا ومعقدة، وظهر المنتخب الوطني المغربي أقل انسجامًا، حيث واجه ضغطًا بدنيًا قويًا من المنتخب المالي، مع ارتباك في الخروج بالكرة وغياب الفعالية الهجومية، وفرض المنتخب المالي إيقاعه في فترات عديدة، بينما لم ينجح المنتخب المغربي دائمًا في فرض شخصيته التي تعوّد عليها الجمهور".
"سر تراجع مستوى أداء عناصر المنتخب الوطني المغربي أمام منتخب مالي يعود إلى عدة عوامل مجتمعة، من بينها الإجهاد البدني لبعض الركائز الأساسية، وغياب الإبداع في وسط الميدان عند الضغط العالي، والاعتماد الزائد على الأسماء نفسها دون تدوير كافٍ، كما أن الخصم المالي كان منظمًا ويعرف المنتخب المغربي جيدًا، والتراجع لم يكن انهيارًا بل عجزًا عن التأقلم مع نسق المباراة".
"أرى أن الانتقادات الموجهة للإطار الوطني وليد الركراكي مفهومة لكنها أحيانًا مبالغ فيها، فهو حقق إنجازًا تاريخيًا في مونديال قطر 2022، لكنه منذ ذلك الحين لم يطوّر الأداء بالشكل المنتظر، ويواجه صعوبة في إيجاد حلول هجومية أمام المنتخبات المتكتلة أو القوية بدنيًا، المشكلة ليست في الكفاءة، بل في الجمود التكتيكي النسبي وعدم تجديد الأفكار".
"المدرب طارق السكتيوي أثبت كفاءته في المنافسات القارية، ويعرف الكرة المغربية واللاعب المحلي جيدًا، ويمتاز بالمرونة التكتيكية وبناء اللعب الجماعي، واحتل مع بعض عناصر المنتخب الأول الرتبة الثالثة والميدالية البرونزية في الألعاب الأولمبية بباريس، كما فاز بلقب كأس أمم أفريقيا للمحليين في تنزانيا، وتُوِّج مؤخرًا بلقب كأس العرب بقطر 2025".
"لكن تدريب المنتخب الوطني المغربي الأول يختلف جذريًا عن الأندية والمنتخبات المحلية، وأرى أن الظرف الحالي يتطلب الاستقرار أكثر من المغامرة، فالتغيير يجب أن يكون مبنيًا على مشروع واضح وناجح، لا كردّ فعل على نتائج ظرفية".
"الخلاصة أن المنتخب الوطني المغربي لم يكن سيئًا، لكنه لم يكن مقنعًا، وليد الركراكي يحتاج إلى مراجعة اختياراته وتطوير أسلوب اللعب، وتغيير المدرب الآن قد يكون مخاطرة، والأهم رؤية واضحة، وجرأة في التدوير، وتجديد الدماء".
"الكرة المغربية تحتاج إلى هدوء في التقييم، لأن الهدف الأكبر هو التتويج القاري وليس فقط الفوز في مباريات دور المجموعات، والأكيد أن النتيجتين تمثلان إنذارًا مبكرًا لوليد الركراكي وكتيبته من أجل مراجعة الأوراق، إذا ما أراد الفوز باللقب القاري والاحتفاظ بالكأس في المغرب، بداية من مباراة الجولة الثالثة أمام منتخب زامبيا يوم الإثنين، على أرضية ملعب المجمع الرياضي الأمير مولاي عبد الله بالرباط".
شك لدى الجماهير
اعترف طارق نفاتي، الإعلامي المغربي، أن بداية أسود الأطلس حملت بعض التذبذب في المستوى، وجاءت تصريحاته على النحو التالي:
"بخصوص المنتخب الوطني، فقد عرفت البداية بعض التذبذب، المباراة الأولى كانت في مستوى متوسط وخلّفت نوعًا من الشك لدى الجماهير، قبل أن تأتي مواجهة مالي لتزيد من حدة التساؤلات، بعدما ظهر المنتخب بشكل غير مقنع وبأداء بعيد عن التطلعات، سواء من حيث التنظيم الدفاعي أو الانسجام الجماعي".
"أرى أن الناخب الوطني يتحمل جزءًا من المسؤولية، خاصة فيما يتعلق ببعض الاختيارات، وخصوصًا في خط الدفاع، إضافة إلى غياب أسماء كان بإمكانها تقديم الإضافة، مثل عمران لوزا، إلى جانب لاعبين آخرين يرى كثيرون أنهم كانوا يستحقون الحضور، في ظل لائحة طويلة من الغيابات المثيرة للنقاش".
"رغم كل ذلك، يبقى الدعم قائمًا، فالمنتخب الوطني يظل فوق كل اعتبار، والرهان ما زال قائمًا على تصحيح الأخطاء والعودة بقوة في قادم المباريات، والاختلاف في الرأي لا يُفسد الانتماء، والجماهير المغربية، رغم انتقاداتها، ستبقى خلف المنتخب إلى آخر دقيقة أملًا في تحقيق تطلعاتها وإسعاد الشعب".

الركراكي لم يقدم الجديد
انتقد الصحفي المغربي سفيان بلحاج، النشط في موقع "فبراير"، المستوى الذي ظهر به أسود الأطلس خلال مواجهة مالي، وجاءت تصريحاته على النحو التالي:
"وليد الركراكي، في مباراة مالي، لم يقدّم جديدًا يُذكر مقارنة بما شاهدناه في المباريات الودية السابقة، خصوصًا أمام المنتخبات التي تعتمد على التكتل الدفاعي، وكان التبرير دائمًا أن الخصوم يدافعون بكتلة صلبة ويصعّبون الوصول إلى المرمى".
"في مواجهة مالي، اصطدم المنتخب المغربي بخصم مختلف، منتخب يهاجم ويصنع الفرص ويضغط عاليًا، ولم يكن ذلك المنتخب المتكتل الذي لا يغادر مناطقه، بل على العكس، هدد مرمى المغرب في أكثر من مناسبة، وكشف عن ضعف واضح في الربط بين خطوط أسود الأطلس".
"سُجّل أيضًا سوء توظيف لبعض اللاعبين، سواء بالاعتماد عليهم في غير مراكزهم الأصلية أو بإقحام أسماء أثارت الكثير من التساؤلات، وبكل صراحة لم يكن الأداء في مستوى انتظارات الجسم الإعلامي ولا الجماهير المغربية، التي باتت تتساءل: هل يمكن التتويج باللقب بهذا الأداء؟".
"رغم الدعم المطلق للمنتخب الوطني والرغبة الجماعية في تحقيق اللقب، إلا أن ما يُقدَّم داخل أرضية الميدان يبعث على القلق، خاصة عند مقارنة مستوى المغرب ببعض المنتخبات المنافسة التي قد يواجهها في الأدوار المقبلة".
"محدودية الفكر التكتيكي كانت حاضرة، إذ أشار مدرب منتخب مالي إلى ذلك بوضوح، حين أكد أن تغييرات وليد الركراكي في الشوط الثاني ساعدت فريقه كثيرًا، لأنها لم تكن مفهومة وخلقت ارتباكًا وعدم توازن داخل المنتخب المغربي".
"الأرقام على الورق إيجابية، بسلسلة طويلة دون هزيمة قاربت 20 مباراة متتالية، لكن كرة القدم لا تُقاس بالأرقام فقط، فالأداء هو المعيار الحقيقي".
"في النهاية، نتمنى تجاوز هذه المرحلة وتصحيح المسار والاستفادة من الأخطاء بدل تكرارها، لأن أسود الأطلس لا يموتون، لكنهم بحاجة إلى أفكار جديدة تعيد لهم الزخم والطموح".
مباراة مخيبة للآمال
وصف زهير حجاري، الصحفي المغربي بموقع "le360 sport"، مباراة منتخب بلاده أمام مالي بالمخيبة للآمال، قبل أن يوضح رأيه بشأن مدرب أسود الأطلس:
"مباراة المغرب ضد مالي كانت مخيبة للآمال للشعب المغربي، الذي كان يسعى إلى التأهل المبكر بغض النظر عن الأداء الذي لم يرقَ منذ مدة طويلة، رغم سلسلة الانتصارات التاريخية".
"الركراكي لم يُحسن قراءة المباراة أمام منتخب مالي، الذي لم يكن مستواه بالشكل المنتظر، لكنه كاد أن يظفر بالنقاط الثلاث".
"طيلة مباراتي جزر القمر ومالي، لم يشعر الجمهور المغربي بالراحة للأداء، لكنه يمني النفس بتحسن ذلك أو تحقيق الانتصارات دون أداء إلى غاية الظفر باللقب".
"بخصوص السكتيوي والركراكي، فسيتم الحديث عن الأمر بعد كأس أفريقيا، لأن التركيز حاليًا منصب على تحقيق لقب الكان، وإذا ما فشل وليد في تحقيق الكأس فسيكون التغيير بنسبة كبيرة".
طالع أخبار كأس أمم أفريقيا 2025 من هنا
تعرف على مواعيد و نتائج مباريات كأس الأمم الأفريقية 2025 من هنا
تعرف على ترتيب مجموعات كأس أمم أفريقيا من هنا