الجمعة 19 فبراير 2016
02:31 م
هل سيرة أليكس فيرجسون مهمة إلى هذا الحد؟.. بعيداً عن كون الرجل أيقونة لكرة القدم في العقود الأخيرة في العالم كلّه، فإن السير الذاتية عموماً تستحق ألا تمر بشكل عابر عليها. كان عبد الوهاب مطاوع يقول إن بواب عمارته لو كتب سيرته الذاتية سيكون حريصاً على قرائتها لما ستحمل من تفاصيل إنسانية مدهشة، وفيرجسون في جعبته ما يجعله قادراً على دهشتك في كل محطات رحلته.
في يوم من أيام يناير عام 2010، عاد أليكس لمنزله فوجد خطاباً من مشجّع يقول فيه: "هل يمكنك أن ترد لي 41 جنيهاً دفعتهم لتذكرتي يوم الأحد؟ لقد وعدتني بالمتعة، ولم أجد أي استمتاع. أرجوك أعد لي نقودي".
يقول السير إنّه فكّر في الكتابة إليه أن يخصم ذلك من أرباحه على مدار 24 عاماً، يذكرّه بالفوز على اليوفينتوس وريال مدريد. ويرى أنّه لا يوجد نادي في العالم يقدّم كرة توقف القلب من فرط الإثارة أكثر من مانشستر يوناتيد، وينصح المشجّع الذي يغادر المدرّج مللاً بعد 20 دقيقة لتأخر في النتيجة، أن يلتحق فوراً بدار مسنين مانشستر.
يكتب فصلاً بعنوان "جذور جلاسكو"، حيث النشأة، ورصد الفارق بين تدريبه للاعبين مرتبهم في الأسبوع كان ستة جنيهات استرليني، وبيعه لكريستانو رونالدو ب80 مليون جنيه. حياة ألكيس لم تكن وردية، واجه كعديد الناجحين عثرات مادية في بداياته. وكان شراء جاكيت ببضعة جنيهات يحتاج إلى خطة محكومة. عمل بعد رحلته كلاعب، في إدارة حانتين وقابل بحارة وأناس يريدون أن ينسوا العالم للحظات، يصف تلك الفترة من حياته بالرائعة والتي منحته كثير من الخبرات في كيفية إدارة المستقبل والحصول على الربح ومراقبة البشر، حيث كان يتطلّع إلى زوار الحانة ويتحدّث مع بعضهم. في هذه الأثناء بدأت علاقته بكاثي تتوطد؛ حتى تزوجا، كما أن العلاقات مع الأصدقاء بقيت على تواصل كلما استطاع لذلك سبيلا.
ينتقّل فيرجسون في الكتاب بلا ترتيب للتواريخ، يذهب إلى عام 1978 وبدايته لتدريب أبردين الاسكتلندي، حيث كانت البداية الحقيقية للشعور بصعوبة هذه المهنة. وأبردين هي ثالث أكبر المدن في اسكتلندا. ما سبق من تجارب لم يكن على نفس القدر من الإحساس بالمسؤولية، وظل يدرّب أبردين حتى عام 1986، ويقول إن مهنة التدريب تقلل الأوقات التي يمكنه خلالها فعل أي شىء آخر غير التدريب. يقول بأسف إنّه في أعقاب انتقاله لمانشستر حياته الاجتماعية تدمرّت. توقف عن الخروج ليلة السبت، لأداء المباريات، التي تجبره على العودة إلى المنزل أحياناً في التاسعة مساءً. يبدو من الكتاب أن السير يحب الحياة الاجتماعية والمرح والأصدقاء، لكنّه يعود بالقول: "ثمن النجاح: هناك 76 ألف فرد يعودون معي في نفس الوقت" يقصد مشجّعي الشياطين الحمر. حاول وقتذاك السير عقد صداقات مع مدرّبين في البريمليج، لعلى يحظى بأوقات مسلّية مثل التي كان يقضيها في اسكتلندا مع أصدقاءه.
يحكي أليكس موقف رسخ لديه قاعدة هامة تقول: عليك أن تدرس لاعبيك جيداً، وتصدر عليهم الأحكام الصحيحة لكيلا تندم مستقبلا. يقول إن بوبي روبسون، جاء إلى فندق الفريق، وقال لستيف بروس "كان لابد أن أمنحك فرصة اللعب مع المنتخب الإنجليزي. لقد اخطأت وأود أن أعتذر لك أمام كل اللاعبين". كان بروس غير محظوظ ولم ينضم إلى المنتخب الإنجليزي، رغم لعبه في مانشستر بسبب روبسون. يقول السير إن هذا الموقف تذكره وهو يختم حياته، وجعله يدرك كيف على المدرّب أن يدرك الطبيعة البشرية للاعبين قبل أن يغرق. يتذكّر لاعب كان معه في سانت مارين باسكلتندا. كان اسمه دافي كامبل. يصفه بمن يجري كالغزال ورغم ذلك لا يستطيع أن يعترض أرنب. أخبر والده بذلك من اللحظة الأولى عندما رآه.
يحب المدرب المخضرم أن يسدي له الآخرون النصائح، وإن كانوا من مدرّبي المنافس التقليدي السيتي أو فرق أخرى كويست هام، حيث صادق مدربيهم حينئذ ميل ماكين وجون لايل. عندما لا يلعب مانشستر مباراة جيدة، يخبره أحدهم "أنا لم أشاهد أليكس فيرجسون في هذا الفريق" أو "عليك أن تستعيد أليكس فيرجسون مرة أخرى لهذا الفريق". كان هذه هي النصيحة المثالية التي يعتمد عليها ويأخذ ملاحظاتهم على محمل الجد في المباريات القادمة.
يمكن تصنيف الحياة على أنّها مجموعة من المواقف التي تشكّل أفكار الإنسان. يسرد أليكس موقف بين جوك ستين المدرّب الاسكتلندي المخضرم لسيلتك، وبين اللاعب جيمي جونستون، الذي منحه الجماهير حديثاً لقب الأفضل في تاريخ النادي. في أثناء مباراة ما، أخرج المدرّب اللاعب، كعقاب له على رفضه السفر للعب مباراة العودة في البطولة الأوربية، ونقل أليكس الحوار التالي بين مدرب ولاعب تاريخيين
اللاعب جيمي: أنت نذل كبير وابن عاهرة.
ثم ركل ما أمامه ذاهباً خارج الملعب، وهرول خلفه المدرّب في نفق اللاعبين، حيث دخل جيمي لغرف تغيير الملابس وأغلق عليه الباب.
المدرّب جوك بصوت عال: افتح الباب.
اللاعب جيمي: لا لن أفتحه؛ سوف تضربني وتؤذيني.
المدرّب جوك: أحذرّك مرة ثانية. افتح الباب.
فتح اللاعب جيمي جونستون الباب، ثم قفز مباشرةً إلى الحمام، حيث صاح فيه المدرّب أن يخرج من جديد مطالباً إياه بالعودة، واللاعب يرفض. يقول السير أليكس فيرجسون إن كل هذا الموقف العنيف كان يحدث بينما المباراة مستمرّة في الملعب. يردف السير المخضرم تعليقاً على
الواقعة التي تذكرّها: "إدارة المباريات سلسلة لا تنتهي من التحدّيات، والتدريب يمنح العالم دراسة حقيقية لهشاشة البشر وضعفهم الإنساني".
في الحلقة القادمة كيف كان يحاول اللاعبون خداع فيرجسون للحصول على إجازة، وكيف كان يتعامل مع كابتن فريق اكتشف في صورة منشور أنّه صنع إشارة لا تليق خلف رأسه.
لمطالعة الحلقة الأولى من سيرة فيرجسون اضغط هنا