الثلاثاء 26 أغسطس 2025
08:43 م
وصل أوريلين تشواميني إلى ريال مدريد بتلك الهالة من الأناقة التي تميّز لاعبي خط الوسط في المدرسة الفرنسية، غير أن التكيّف مع إيقاع ومتطلبات سانتياجو برنابيو احتاج إلى أكثر من مجرد موهبة فطرية في قلب الوسط، وفي موسمه الرابع، ومع وجود تشابي ألونسو على دكة البدلاء، استعاد لاعب الوسط أفضل نسخة متكاملة من نفسه.
وصول المدرب الجديد أعاد ضبط إيقاع الفريق، وكان تشواميني من أوائل اللاعبين الذين التقطوا هذه الإشارة، فقد شعر ألونسو أن الفرنسي كان بحاجة إلى تلك المساحة ليُعبّر عن نفسه ويتوسع في أدواره، واليوم، ومع وجود تشابي على رأس الجهاز الفني، حصل على "بطاقة حرة" تسمح له بالتقدّم إلى مناطق أكثر خطورة، والتمركز في مواقع أكثر تأثيرًا، وقبل كل شيء صناعة تمريرة حاسمة محتملة.
الخريطة الحرارية لتشواميني في أول جولتين لموسم 2025-2026

تلك القائمة من الصفات هي ما أظهره تشواميني في فترة لعبه مع موناكو، ومن أجلها استثمر ريال مدريد 80 مليون يورو للتعاقد معه، فاللاعب الفرنسي يمتلك جينات السيطرة في نصف ملعب الخصم، لكن تحت قيادة كارلو أنشيلوتي، كان غالبًا ما يلعب في بيئة غير مريحة، خصوصًا في المباريات التي كان فيها ريال مدريد يتنازل عن الاستحواذ لمنافسيه.
نفيه القسري إلى مركز قلب الدفاع في الموسم الماضي ساهم في تعزيز تطوره بشكل أكبر، فقد شكّلت تلك 25 مباراة كقلب دفاع بمثابة دورة مكثفة خاصة لترسيخ مكانته كلاعب لا غنى عنه، وكأنها دكتوراه غير مرغوب فيها صقلت – بشكل متناقض – فهمه للمساحات داخل الملعب، وحوّلته إلى ورقة طوارئ عالية القيمة، والحقيقة أنه تحت قيادة تشابي ألونسو، لعب أيضًا عدة مباريات في الدفاع خلال كأس العالم للأندية.
لقطات فينيسيوس المثيرة للجدل أمام ريال أوفييدو
التغيّر في الأداء يبدو واضحًا من خلال الأرقام، فلو عدنا إلى نفس المرحلة من الموسم الماضي، لوجدنا أن تشواميني لمس الكرة 252 مرة في أول مباراتين بالدوري حين لعب كمحور وحيد، هذا الرقم يتناقض مع 154 لمسة فقط في أول مباراتين هذا الموسم.
اللاعب يظهر أقل على الكرة لكنه أكثر تأثيرًا، فقد أصبحت قراءته للمباراة أكثر دقة سواء هجوميًا أو دفاعيًا، كما أن قدرته على التنقل بين المراكز تمنحه دور المرساة في خطط تشابي عندما يتطلب الأمر، أو المحفّز للهجوم حين تفرض الظروف ذلك.
الخريطة الحرارية لتشواميني في أول جولتين لموسم 2024-2025

تشواميني يستعيد جوهر لعبه
خريطة التحركات في مباراتي أوساسونا وأوفييدو تُظهر ذلك بوضوح، فمع تشابي ألونسو، يفرض ريال مدريد سيطرته على مجريات اللعب في معظم فترات المباراة، وهو عامل يصب في مصلحة تشواميني الذي يُظهر نسخته الأقرب إلى تلك التي قدّمها في موناكو، وإن لم يعد بنفس القوة التي كان عليها بجوار فوفانا.
الفرنسي يتقدم خطوة إلى الأمام ويُرسّخ نفسه في وسط الميدان، ومن هذا الموقع المميّز يصبح قادرًا على صناعة فرص أكثر خطورة، ويكون في وضع أفضل لاقتناص الكرات الثانية.
دفاعيًا، ما زال تشواميني بمثابة قاطرة لا تهدأ، فهو يشعر بارتياح كبير عند الضغط المتقدم فور فقدان ريال مدريد الكرة، مما يصعّب على الخصم التقدّم بها إلى الأمام، وحتى في المناطق العميقة، يحتفظ بقدرته على قراءة الكرات وافتكاكها بذكاء.
تشابي ألونسو يستنسخ زيدان لخط دفاع ريال مدريد
ويكفي للدلالة على ذلك اللقطة التي سبقت الهدف الأول أمام أوفييدو، حيث قام باستخلاص أنيق للكرة في قلب الوسط، ليستغلها أردا جولر بسرعة عمودية رائعة ويمررها إلى مبابي الذي حوّلها لهدف، كانت تلك واحدة من ست حالات افتكاك قدّمها الفرنسي في ملعب تارتيري.
إحصائيات تشواميني في مقارنة مع أبرز لاعبي الوسط في الدوريات الخمسة الكبرى

تعكس بقية الإحصائيات في الجولات الأولى أيضًا الأداء القوي لتشواميني، فالفرنسي يتصدر جميع لاعبي خط الوسط في الدوريات الخمسة الكبرى بنسبة دقة تمريرات إلى الثلث الهجومي بلغت 93.5%، مع نجاح في الافتكاكات بنسبة 87.5%، وتفوّق مذهل في الكرات الهوائية بنسبة 83.3% — وهو أيضًا الأعلى في الدوري.
هذه الأرقام تُجسّد لاعبًا وجد التوازن المثالي بين صلابة الدفاع والمشاركة الهجومية، وبفضل تشابي ألونسو وعقليته المميزة، استعاد تشواميني تلك المرونة التكتيكية التي جعلت منه أحد أكثر لاعبي جيله موهبةً ووعدًا.