كان من غير المرجح إن لم يكن من المستحيل، أن يجرؤ لاعب من ريال مدريد على الاقتراب من أرقام كريستيانو رونالدو التهديفية خلال فترته مع الفريق الملكي.
لكن كيليان مبابي وفي غضون موسم واحد فقط، أصبح يقترب بشكل خطير من معادلة أرقام البرتغالي، بل إن مبابي يتفوق هذا الموسم بشكل واضح على تلك الأرقام.
تسعة أهداف سجلها مبابي في سبع مباريات تمنحه معدلًا تهديفيًا يبلغ 1.28 هدف في المباراة الواحدة.
في أفضل مواسمه، كان معدل كريستيانو رونالدو 1.12 هدفًا في المباراة، وذلك في موسم 2014-2015 حين أحرز 61 هدفًا في 54 مباراة، والمفارقة أن ريال مدريد تحت قيادة أنشيلوتي آنذاك (في موسمه الثاني خلال ولايته الأولى) لم يتمكن من استثمار ذلك السيل من الأهداف في صورة ألقاب كبرى.
لمحة عمّا يستطيع فعله
الموسم الماضي قدّم بالفعل لمحة عمّا يستطيع مبابي فعله، فبالرغم من أن الفريق كان بعيدًا بوضوح عن مستواه الحقيقي، نجح المهاجم الفرنسي في تسجيل 44 هدفًا في 59 مباراة، أي بمعدل 0.74 هدف في المباراة، رغم مروره بلحظات صعبة على المستوى الشخصي، وعدم تقديم الفريق للأداء المنتظر في أوقات كثيرة.
ومع ذلك، فإن تلك الأهداف الـ44 عادل بها مبابي رقمه القياسي في موسم واحد، والذي حققه أيضًا في موسمه الأخير مع باريس سان جيرمان 2023-2024، ولكن في 48 مباراة فقط، وتجدر الإشارة إلى أن صاحب القميص رقم 10 مع مدريد غاب عن عدة مباريات حينها بسبب خلافاته مع لويس إنريكي.
قائمة أفضل الهدافين في تاريخ ريال مدريد
منذ انضمامه إلى ريال مدريد، سجل مبابي 53 هدفًا في 66 مباراة، بمعدل 0.8 هدف في المباراة الواحدة، هذا المعدل يضعه بالفعل ضمن قائمة أفضل الهدافين في تاريخ النادي، رغم أن أرقامه الإجمالية ما زالت متواضعة مقارنةً بما حققه كريستيانو رونالدو، بنزيما، راؤول، دي ستيفانو، سانتيانا وبوشكاش، الذين قضوا فترات أطول بكثير في صفوف الفريق، أما مبابي فما زال في موسمه الثاني فقط في ملعب البرنابيو.
كان المعدل التهديفي الإجمالي لكريستيانو رونالدو مع ريال مدريد 1.03 هدف في المباراة على مدار تسعة مواسم، بينما بلغ معدل بوشكاش 0.92 هدفًا في ثمانية مواسم، أما مبابي، فيبدو الآن متقدمًا على دي ستيفانو (0.78 في 11 موسمًا)، هوجو سانشيز (0.73 في سبعة مواسم)، بنزيما (0.55 في 14 موسمًا)، سانتيانا (0.45 في 17 موسمًا) وراؤول (0.44 في 16 موسمًا).
مبابي مختلف
بعيدًا عن الأرقام، فإن الإحساس السائد هو أن مبابي الحالي مختلف تمامًا عن ذلك الذي ظهر في موسمه الأول مع ريال مدريد، صحيح أن سياق الفريق يلعب دورًا مهمًا، لكن على المستوى الفردي يلحظ الفارق أيضًا، فقد خطا النجم الفرنسي خطوة إلى الأمام في جانب القيادة، بعدما وصل إلى مدريد متخذًا موقعًا أكثر تواضعًا، حينها دخل غرفة ملابس مليئة بالنجوم وأبطال أوروبا المتوجين عدة مرات، فاختار الاندماج بحذر وبصمت.
تبدو تلك المرحلة وكأنها قد انتهت، وهو ما ينعكس حتى في لغة جسد مبابي وطريقة توجيهه لزملائه، وحتى في احتفالاته بالأهداف.
فجاء هدفاه أمام ليفانتي في لحظة كان الفريق بحاجة ماسة إليها، بعد أن هدد هدف ليفانتي ما بدا أنه انتصار سهل لمدريد، عندها حسم مبابي الأمر بلمحتين في دقيقتين أنهتا المباراة تمامًا.
أتى أحد هذين الهدفين من ركلة جزاء، وهي سلاح آخر جعلها النجم الفرنسي من اختصاصه بعد فترة طويلة من عدم اليقين في مدريد، فقد سجل هذا الموسم أربع ركلات جزاء، أربع من أربع دون أي إهدار، إضافة إلى واحدة بقميص فرنسا، أداء مثالي يؤكد أنه يعيش لحظته الذهبية.
إلى أي مدى يمكن أن يصل مبابي؟
عند هذه النقطة، يبقى السؤال الكبير: إلى أي مدى يمكن أن يصل مبابي؟ فـ 44 هدفًا في الموسم الماضي (البيتشيتشي والحذاء الذهبي) هي أعلى حصيلة له سواء مع ريال مدريد أو باريس سان جيرمان، لكن انطلاقة موسم 2025-2026 ترفع سقف التوقعات.
الأمر سيعتمد على عدة عوامل: الإصابات، فترات الذروة في الأداء، عدد المباريات التي سيلعبها (ومن غير المرجح أن تتجاوز 59 مثل الموسم الماضي)، إلى جانب التدوير والإيقافات، ولكن حتى اليوم، ليس من غير المعقول الاعتقاد أن كيليان قد يقترب من معدل "كريستيانو" التهديفي، أي هدف واحد في المباراة، وهو الحاجز الذي تخطّاه البرتغالي في ستة من مواسمه التسعة مع ريال مدريد.
والحقيقة أن مجرد طرح هذا الاحتمال يُعد شهادة قوية على قيمة مبابي الكروية، وعلى البداية المدمّرة ببساطتها التي يقدّمها صاحب القميص رقم 10 هذا الموسم.