لم يمضِ سوى بضعة أشهر على وجود إيتا إيونج في الدوري الإسباني، لكنه يسجل بالفعل بنفس وتيرة فينيسيوس ومبابي.
كارل إيتا إيونج المهاجم الكاميروني لفريق ليفانتي، تسلل بهدوء إلى أجواء الليجا، كانت صفقة انتقاله مفاجئة تمامًا مثل أدائه: أهداف، وحضور قوي، وتأثير فوري وضعه ضمن المنافسين على لقب "البيتشيتشي" لهداف الدوري الإسباني.
فقط مبابي وجوليان ألفاريز يتقدمانه في جدول الهدافين، بينما يتقاسم الرقم نفسه مع فينيسيوس، كلمات كبيرة تختصر أداء المهاجم الكاميروني الذي يتجاوز مجرد الأرقام.
تطوره منذ وصوله إلى إسبانيا كان مذهلاً، إيتا إيونج انضم إلى أكاديمية قادش للشباب عام 2022، حيث كان من أبرز المواهب الواعدة، وسجل 14 هدفًا في دوري الدرجة الثانية، قبل أن يلعب مع الفريق الأول.
في صيف 2024، خطت خطوة إضافية بالتوقيع مع فياريال ب، حيث سجل 19 هدفًا في 30 مباراة، وشارك لأول مرة مع الفريق الأول في أبريل 2025 أمام ريال سوسيداد،وفي مباراته الثانية، سجل هدف الفوز ضد جيرونا.
في الصيف الماضي، قرر نادي ليفانتي خوض مغامرة كبيرة، حيث دفع ثلاثة ملايين يورو مقابل انتقاله، ووقّع معه عقدًا لمدة أربع سنوات.
أما فياريال، الذي كان قد ضمه قبل عام واحد فقط مقابل مليون يورو بعد هبوط قادش، فاحتفظ بنصف حقوقه وبخيارٍ تفضيلي لاستعادته لاحقًا، كانت هذه خطوة تهدف إلى ضمان بقاء جزء من حقوقه تحت سيطرة النادي، في حال ارتفاع قيمته السوقية وبيعه مستقبلاً.

عرض نادي ليفانتي جاء بتزكية شخصية من رئيس النادي، باعتباره صفقة هجومية استراتيجية تهدف إلى استغلال إمكاناته الهجومية ونموه المستقبلي، والمهاجم الكاميروني يثبت صحة هذا الرهان بالفعل، إذ ترك بصمته منذ المباريات الأولى في الموسم، مسجلاً وصانعًا أهدافًا أكثر من أي لاعب آخر باستثناء مبابي وفينيسيوس، ليؤكد بذلك التطلعات الكبيرة التي وُضعت عليه.
على وجه التحديد، يملك خمسة أهداف هذا الموسم: أربعة مع ليفانتي وهدف واحد مع فياريال، الذي شارك معه في أول ثلاث جولات من الدوري، ومع الفريق الأصفر، قدّم أيضًا التمريرتين الحاسمتين اللتين يملكهما في سجله بالليجا.
تُظهر أهميته الكبيرة في الفريق من خلال مشاركته في 80% من الدقائق المتاحة، ودائمًا كلاعب أساسي، وكما هو متوقع، فهو المسؤول الأول عن إنهاء الفرص.
وإذا نظرنا إلى اللاعبين الذين يصنعون أكبر عدد من الفرص المتوقعة للتسجيل (expected goals) وأولئك الذين يسجلون فعلاً، نجد أن إيونج يحتل مكانة بين نخبة الدوري.

رقم 9 صريح في زمن المهاجمين الوهميين
دوره هو دور المهاجم الصريح الكلاسيكي، فسواء مع فياريال أو ليفانتي، لعب دائمًا في الخط الأمامي إلى جانب زميل آخر، ضمن تشكيل 1-4-4-2 التقليدي، دون أن يمنعه ذلك من التألق، بل على العكس، فقد استغل قدراته إلى أقصى حد، وقد صرّح سابقًا: "ليس لدي مشكلة مع أي نظام لعب، يمكنني اللعب بمهاجم واحد أو اثنين".
وتُظهر خريطة تحركاته (المعتمدة على لمساته للكرة) في المرحلة الهجومية بوضوح أنه يعيش في قلب منطقة الجزاء.

كما يتحرك أيضًا في الثلث الهجومي من الملعب، حيث يحاول استلام الكرة، خاصة في الجهة اليمنى، وتُستخدم هذه التحركات لدعم بناء اللعب وتخفيف الضغط عن فريقه، يتراجع بين الخطوط لاستلام الكرة، ثم يمررها بسرعة إلى أحد زملائه لمواصلة الهجمة.

وفي حالات الكرات الطويلة، يحاول استخدام طوله ومدى امتداده الجسدي لتمديد الكرة برأسه أو ترويضها على الأرض، مستفيدًا من بنيته القوية وقدرته البدنية.

لكن كما ذكرنا، منطقة الجزاء هي ميدان عمله الحقيقي، وهناك يجب أن يكون ليتواصل مع الكرة، إنه ليس من نوعية اللاعبين الذين يبالغون في المراوغة أو يحتفظون بالكرة لفترات طويلة، يفقد الاستحواذ عندما يُجبر على لمس الكرة مرات كثيرة، قوته الحقيقية تكمن في الإنهاء أمام المرمى — يسدد قبل أن يفكر.
يشعر بالراحة في المناطق المركزية، وغالبًا في الأمتار الأخيرة من الملعب، أكثر من نصف تسديداته على المرمى (8) أسفرت عن أهداف (5)، يسجل هدفًا كل 128 دقيقة، وهي نسبة مذهلة بالنسبة لمهاجمٍ ينتمي إلى فريق صاعد حديثًا إلى الليجا، ويتقاسم الأضواء مع إيفان روميرو — الذي سجل بدوره أربعة أهداف.

مدربه خوان كاليرو، أدرك الأمر بوضوح منذ البداية، قائلاً: "إنه مهاجم يملك الجوع والرغبة في التطور، وأنا واثق بأنه سيمنحنا الكثير"، ولم يكن مخطئًا، فقد منحه الثقة ووفر له فريقًا يؤمن بقدراته، والمهاجم الكاميروني ردّ الجميل بأداء فعّال ومثمر.
السياق أيضًا يساعد في تقدير قيمة ما يقدمه اللاعب، ليفانتي يصنع الفرص بقدر ما يستطيع، ووفقًا لإحصاءات "أوبتا"، فإن الفريق يُعد خامس أقل فرق الدوري الإسباني من حيث عدد التسديدات (باستثناء ركلات الجزاء)، وسادس أقل فريق من حيث التسديدات على المرمى، ومع ذلك، فإن معدل تحويل الفرص إلى أهداف لديهم (15%) هو ثاني أفضل معدل في الدوري، بعد إشبيلية فقط.
يُفسَّر هذا المعدل العالي من الفاعلية بجودة تسديداتهم، فوفقًا لمؤشر "الأهداف المتوقعة لكل تسديدة" وهو مقياس يقيم متوسط جودة التسديدات، يحتل ليفانتي المركز الأول بين فرق الدوري الإسباني العشرين، بمعدل 0.14 هدف متوقّع لكل تسديدة، أي أن متوسط كل تسديدة لديهم يملك فرصة بنسبة 14% لأن تتحول إلى هدف، وهو رقم مرتفع جدًا، ولا يتفوق عليهم في الدوريات الخمس الكبرى سوى ستراسبورج (0.16)، بمعنى آخر: ليفانتي لا يسدد كثيرًا، لكن عندما يفعل، تكون تسديداته ذات جودة عالية.

يعود الفضل في كل ذلك جزئيًا إلى إيفان روميرو، لكن الفضل الأكبر يعود إلى إيونج الذي يشكل معه ثنائيًا قادرًا على تعويض النواقص الدفاعية لفريق ليفانتي وإبقائه خارج منطقة الهبوط، مهاجم وصل بهدوء، لكنه اليوم يحمل ليفانتي على كتفيه بفضل غريزته وقدرته على صناعة الفارق في أصعب الأماكن: منطقة الجزاء، هناك حيث تُحسم المباريات، وهناك أيضًا — دون أن يطلب الإذن من أحد — ترك بصمته بالفعل.