الخميس 7 ديسمبر 2023
04:57 م
يرسل لاعب يرتدي القميص الأبيض ركلة ركنية متقنة على القائم القريب، يرتقي لها أحدهم ليوجهها في الشباك، أو يلمسها لتتجه خلفه نحو زميل آخر، ليسجل هدفًا، في مشهد أصبح معتادًا بمباريات نادي الزمالك، منذ تعيين المدرب معتمد جمال، لكن هذا المشهد رأيناه في عدة مواجهات على مر التاريخ، كان آخرها وأشهرها في السنوات الأخيرة من خلال نادي توتنهام هوتسبير بالموسم الماضي.
لنعد بالزمن قليلًا، حينما سجل توتنهام 8 أهداف فقط من الركلات الثابتة في موسم 2021-2022، ليحتل المركز الرابع عشر من أصل 18 ناديًا في البريميرليج، أزمة واضحة في استغلال تلك الركلات دفعت المدرب أنطونيو كونتي وإدارة السبيرز لتعيين جياني فيو مدربًا للركلات الثابتة.
بطل في كواليس تتويج إيطاليا بأمم أوروبا.. جياني فيو نقطة التحول في ركلات توتنهام الركنية
اختيار جياني فيو لم يكن وليد الصدفة، مدرب الكرات الثابتة، كان أحد أفراد الطاقم الفني لمنتخب إيطاليا، ليساهم في تتويج الأزوري بلقب يورو 2020، بعدما سجل لاعبيه هدفًا من ركلة ركنية أمام تركيا وتم إلغائه، ثم هدف الانتصار ضد ويلز من ركلة ثابتة، حتى أحرز ليوناردو بونوتشي هدف التعادل لكتيبة المدرب روبرتو مانشيني في المباراة النهائية ضد إنجلترا، من ركلة ركنية لمسها بريان كريستانتي.
الركلات الركنية هي أحد أهم الأسلحة لاختراق دفاعات المنافسين، لكن تغير أساليب تنفيذها ساهم في ازدياد حجم تأثيرها، وتشير الأرقام إلى ارتفاع عدد الأهداف المسجلة من ركلات ركنية بعد لمس الكرة أكثر من مرة، في مقابل الركلات التي وجهت للمرمى بلمسة واحدة، بنسبة 4.8 مقابل 2%، أي أكبر من الضعف في شهر يوليو عام 2022، وهذا ما اتجه إليه توتنهام في بداية الموسم التالي، بفضل عمل جياني فيو مع أنطونيو كونتي.
من كوستا إلى كين.. كيف نجحت ركنيات كونتي في تشيلسي وتوتنهام؟
كونتي كان يعرف من قبل كيفية استغلال الركلات الركنية في الدوري الإنجليزي خاصة، حينما قاد تشيلسي للفوز بلقب البريميرليج لموسم 2016-2017، وسجل من هذه الركلات عدة أهداف، كان أبرزها 4 عن طريق دييجو كوستا، الذي كان يتحرك نحو القائم البعيد لمتابعة الكرة بتسديدة أو رأسية، بعد لمسة من أحد لاعبي البلوز على القائم الأول.
كرر كونتي التجربة ذاتها مع توتنهام، بالاعتماد على توجيه الركلات الركنية نحو اتجاه القائم الأول، حيث تم إرسال 19% من ركلات السبيرز إلى تلك المنطقة داخل الـ 6 ياردات، وهو الرقم الأكبر في الدوري الإنجليزي الممتاز خلال موسم 2022-2023.
ظهر أسلوب توتنهام منذ المباراة الأولى ضد ساوثهامبتون، ثم لقاء تشيلسي الذي سجل خلاله هدف التعادل القاتل من ركلة ركنية، بالاعتماد على توجيه الكرة نحو القائم القريب، واستخدام هاري كين في نفس دور دييجو كوستا، ليتجه نحو القائم البعيد بشكل متكرر، للهروب من الرقابة، ومتابعة الكرة بعد لمستها الأولى من أحد لاعبي السبيرز، وتكرر الأمر في هدف هاري كين ضد نيوكاسل، رغم هزيمة السبيرز لكن طريقة كونتي أثبتت فعاليتها.
وتوج توتنهام طريقتهم الخاصة، بتسجيل هدف الانتصار ضد وولفرهامبتون في الجولة الثالثة، بركلة ركنية نفذها سون وحولها إيفان بيرسيتش بلمسة من القائم الأول.
وصلت الكرة إلى هاري كين الخالي من الرقابة، بعدما خدع دفاع الذئاب ليسجلها في الشباك بسهولة.
الإحصائيات أظهرت أن توتنهام سجل 13 هدفًا من الركلات الركنية في الموسم الماضي، ليعتلي صدارة أكثر الأندية إحرازًا للأهداف من هذه الركلات بالتساوي مع جاره أرسنال، ولكنه يتميز أن أهدافه المتوقعة من تلك الضربات كانت 9.3 فقط، أي أنه سجل أكثر من المتوقع بأربع أهداف تقريبًا.
ركنيات الزمالك في زمن معتمد جمال.. دونجا كلمة السر وتحركات خاصة للمهاجمين
لنعد إلى وقتنا الحالي، عندما تولى معتمد جمال قيادة نادي الزمالك، خلفًا للكولومبي خوان كارلوس أوسوريو، لتظهر بصمته الخاصة مبكرًا، بتسجيل هدفين من ركلتين ركنيتين عن طريق دونجا وناصر منسي، في نصف نهائي كأس مصر ضد بيراميدز.
وظهرت ملامح عمل معتمد جمال ومساعديه مبكرًا، ليتواجد دونجا على القائم القريب في الركلتين، تمركز نجح من خلاله في تسجيل الهدف الأول، بينما يتواجد المهاجم ناصر منسي على القائم البعيد، والذي صنع من خلاله الهدف الأول ثم سجل الهدف الثالث.
وأعلن مجلس إدارة الزمالك عن تكوين فريق الكشافة وتحليل الأداء، بعضوية الثنائي محمد داود ومحمد علاء، مع إمكانية إضافة عناصر آخرى في وقت لاحق، ويعتبر الأخير متخصصًا في الكرات الثابتة، حيث حصل على بعض الدورات الخاصة بدراسة تلك الركلات، والتي ظهر تأثيرها بشكل واضح في بقية مباريات الفريق الأبيض.
نجح الزمالك في جميع مبارياته منذ تعيين معتمد جمال، بتسجيل هدف على الأقل من ركلة ركنية، حيث أحرز في شباك مودرن فيوتشر بالدوري المصري، بالإضافة إلى أبو سليم الليبي وسوار الغيني.
وبالنظر إلى ركنيات الزمالك خلال تلك المباريات، نشاهد تواجد دائم لنبيل عماد دونجا على القائم القريب، حيث يقوم بمهمة لمس الكرة سواء بقدمه أو رأسه لتمر إلى لاعب آخر في صفوف الفريق الأبيض، الذي ينجح في التسجيل مع غياب الرقابة والتركيز من مدافعي الخصوم.
ويلجأ معتمد جمال وجهازه الفني، لوضع مهاجم الزمالك أيًا كان اسمه على القائم البعيد، وهو المكان الذي سجل منه ناصر منسي أمام بيراميدز، ثم سيف الدين الجزيري ضد سوار الغيني، وذلك ليكون هو مستقبل الكرة التي يحولها اللاعب على القائم الأول نحوه، لاستغلال طولهم وتميزهم في الكرات الرأسية.