السبت 9 أغسطس 2025
09:56 ص
كانت شوارع المغرب مليئة بالأطفال الذين يركضون خلف الكرة، فهي اللعبة الأشهر في هذه البلاد ونظائرها، لكن تلك المرة كانت مختلفة، فمن يركض خلف الكرة فتاة، ليست ولدًا. لم تكن كرة القدم النسائية مشهورة في الوطن العربي بقدر شهرتها للرجال، لكنها وُلدت مع حنان آيت الحاج.
بدأت حنان آيت الحاج، لاعبة فالنسيا السابقة، مسيرتها في أحد أحياء المغرب، وتقول في حوار خاص لمصراوي: "الكرة وُلدت معي منذ الصغر، كنت ألعب في الحي، وهي الشيء الوحيد الذي كبرت به".
ولكن كالمتوقع، لم يكن الأمر بسهولة تصدي حنان لهجوم الخصم في الملعب حاليًا، فممارسة فتاة لكرة القدم كان مرفوضًا في الوطن العربي، لكنها تحدت تلك الصعاب، وأقنعت عائلتها بالأمر، خاصة والدتها التي كانت ترفض ممارسة ابنتها لكرة القدم.
كان تمسك حنان بحلمها وهوايتها كافيًا لإقناع العائلة، كذلك التفوق الدراسي، وتروي مدافعة منتخب المغرب: "عندما رأتني والدتي أنني أوفق بين الدراسة والكرة وافقت على الأمر، حتى أنها أصبحت الداعم الأول لي، والسبب الرئيسي فيما وصلتُ له".
ومن أحياء أكادير إلى نادي البلدي العيون، الذي استمرت فيه حنان من عام 2014 إلى 2016، وحصدت معهن البطولة الوطنية، بعدها جاءت الخطوة الكبرى في مسيرتها، وهي الانتقال إلى الجيش الملكي المغربي.
وترى حنان أن انتقالها إلى الجيش خطوة كبيرة في مسيرتها، اللعب بجوار أفضل اللاعبات المغربيات، لكن الأمر لم يكن سهلًا، واحتاجت الكثير لحجز مكانها في التشكيلة الأساسية للفريق الذي توج بدوري أبطال أفريقيا عام 2022.
تجربة احتراف أولى
واصلت حنان مسيرتها مع الجيش الملكي حتى عام 2020، عندما خاضت أول تجربة احتراف ضمن صفوف سرقسطة الإسباني، وقالت عنها: "كانت تجربة مفيدة تعلمتُ منها ما ينبغي، وتمكنت من تخطي الصعاب فيها، وبالنسبة لي كانت ناجحة".
تنافست حنان مع مستوى مختلف في الدوري الإسباني، إذ ترى وجود فروقات بين الكرة الأوروبية والعربية، وتبرر الأمر بالفارق الزمني بينهما، لكن رغم ذلك ترى أن مستوى الكرة النسائية بالمغرب يقترب من المستوى الأوروبي، فالمنتخب المغربي في تطور متسارع لاحتكاكه بمنتخبات كبرى.
تحديات وتغيير معتقدات
إلا أن الاحتراف لم يكن بهذه السهولة، فواجهت حنان العديد من الصعوبات، أبرزها خلال شهر رمضان الكريم، لكنها لم تكن الصعوبة التي تواجهها في التأقلم أو الأجواء أثناء المباريات، إذ كانت في حاجة لتغيير معتقدات المدربين واللاعبين عن الشهر الكريم.
وكانت معتقدات فريقها أن مستوى اللاعبات المسلمات في شهر رمضان يتراجع، لكنها أثبتت العكس، فترى أن شهر رمضان يمنحها القوة والعزيمة، وهذا ما ظهرت به خلال المباريات التي أقيمت خلال الشهر.
ولم تواجه حنان صعوبات مع عائلتها خلال سفرها، خاصة مع عائلتها التي اقتنعت بموهبتها وقدرتها على لعب كرة القدم، بجانب تفوقها الدراسي بعد حصولها على البكالوريوس ودبلومة في إدارة الأعمال.
وعادت بعدها حنان إلى الدوري المغربي قبل خوض تجربة احتراف جديدة الموسم الماضي، ضمن صفوف فالنسيا الإسباني، واستفادت من تلك التجربة التي استمرت لموسم على المستويين الشخصي والمهني، خاصة بعودتها لصفوف منتخب المغرب.
إنجاز قاري
يُعتبر منتخب المغرب للسيدات من أبرز منتخبات القارة الأفريقية، إذ إنه أول منتخب عربي يصل إلى نهائي كأس الأمم الأفريقية، وتمكنت لبؤات الأطلس من احتلال الوصافة في نسختي 2022 و2024، كما أنه أول منتخب عربي يتأهل إلى كأس العالم نسخة 2023 التي صنعن فيها إنجازًا تاريخيًا بالتأهل إلى دور الـ16.
وكانت حنان آيت الحاج ضمن صفوف المنتخب المغربي في البطولات السابقة، كما أنها ساهمت في الفوز على كوريا الجنوبية بكأس العالم، وترى أن المنتخب لا ينقصه شيء، رغم خسارة أمم أفريقيا 2024 التي أقيمت الشهر الماضي في المغرب.
وقالت حنان: "منتخب المغرب لا ينقصه شيء، وكنا قريبين من اللقب جدًا، لكن الجميع رأى أن كان التحكيم السبب، فخسارة النهائي كانت الأصعب لي، شعرت أننا حصدنا اللقب وشخص انتزعه منا".
ورغم أن خسارة كأس الأمم الأفريقية 2024 كانت اللحظة الأصعب لحنان، فإن ما أعقبها كان اللحظة الأهم، عندما استقبلهن الملك محمد السادس بن الحسن، الأمر الذي جعلها تطمح في تحقيق اللقب عام 2026.
وجاء إنجازهن في كأس العالم بعد عام من إنجاز أسود الأطلس الذين وصلوا إلى نصف نهائي كأس العالم قطر 2022 بالهزيمة من فرنسا، القدر الذي تكرر مع السيدات.
وتقول حنان إنهن استعددن لكأس العالم جيدًا، بإقامة معسكرات كثيرة طوال العام، ولعب مباريات مع فرق كبرى منحتهن الثقة، ليظهرن بذلك المستوى.
الأمر بالنسبة لهن كان تحديًا لتكرار تجربة الرجال، فتقول حنان: "الجميع كان يقول إننا لن نذهب بعيدًا أو نتخطى الدور الأول، لكننا أثبتنا العكس، وأن لدينا حلمًا ولا يوجد مستحيل، وما رأيناه في قطر مع منتخب الرجال كان دافعًا".
فكان تشجيع جماهير الرجال لمنتخب المغرب دافعًا للسيدات، اللواتي رغبن في إدخال نفس الفرحة في قلوبهم من جديد، وروت حنان قائلة: “كنا نشاهد منتخب الرجال، ونرى الجماهير كيف تشجع وتفرح بكل هدف، هذا منحنا الدافع لإسعادهم، فهم يستحقون أن نقدم تجربة تاريخية يقف عندها تاريخ كرة القدم النسائية، خاصة أنه أول كأس نلعبه، وهذا أمر لم يكن سهلًا”.
ورغم نجاح حنان على مستوى كرة القدم، فإنها لا تنسى أنها أنثى، ولا تسعى لتحقيق التوازن بين الأمرين، وقالت عن هذا الأمر: "حياتي الاجتماعية عادية، أعيش بطريقة عادية مع عائلتي وأصدقائي والقريبين، لكنني لا أوازن بين كوني أنثى ولاعبة، الأمر بالنسبة لي أنني فقط أنثى، أعيش حياتي الطبيعية كحال كل النساء في المغرب والعالم".
واختتمت حنان آيت الحاج، مدافعة منتخب المغرب، حوارها بالحديث عن وجهتها المقبلة بعد الرحيل عن فالنسيا، قائلة: "لم أحسم وجهتي حتى الآن، ما زلت أدرس العروض التي لدي مع وكيلي، من أوروبا ودول أخرى".